آدم وإصطفاءه وإنشاءه من ذرية قوم آخرين - منتديات ArabiaWeather.Com

العودة   منتديات ArabiaWeather.Com > المنتديات العامة (استراحة المنتدى) > المنتدى العام و تعارف الأعضاء > المنتدى الاسلامي

الملاحظات

المنتدى الاسلامي الموسوعة الدينية و يختص بالتعريف بالدين الأسلامي وكل ما يتعلق به

الاخبــــار

رد

 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
[ 11-10-2014 ]   رقم المشاركة 1

 

 

الصورة الرمزية mohamadamin

تاريخ التسجيل: Feb 2009

رقم العضوية: 2643

المشاركات: 513

الدولة/المدينة: عمان- مرج الحمام

الارتفاع عن سطح البحر: 900 - 1000 متر

شكراً: 95
تم شكره 194 مرة في 113 مشاركة

قاال تعالى “إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاءُ كَمَا أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ” سورة الأنعام 133 .
يقول الله مخاطباً الآدميين بانه قد أُنشأنا من ذرية قوم آخرين إذن وبكُل بساطة فنحن مخلوقين من ذرية قوم كانوا قد ماتوا وقضوا وتحولوا إلى تراب … بالإضافة إلى أن هؤلاء القوم الآخرين المُشار عليهم في الآية الكريمة لا شك وأنهم من غير الآدميين لأن الآدميين يُنسبون إلى آدم وذُريته وبالتالي فهم ذرية واحدة من آخرهم حتى وصولاً بآدم أولهم، إذن فالإشارة على ذرية القوم الآخرين والتي تم إنشاء الآدميين منها حتماً لا تُشير على ذرية الآدميين وبالتالي فهي تُشير على ذرية من سبقونا بالخلق من الإنس والذين أماتهم الله وتحولوا إلى تراب ثم أعاد الله خلقه للإنسان من ذريتهم التي ابقى عليها وحفظها في تراب الأرض.
فكان التراب هو ما خلق الله منه البشر الآدميين والذي منه سيُعيد الله إنشاءنا يوم القيامة ،
قال تعالى “أيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وكنتم تراباً وَعِظَامًا أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ” سورة المؤمنون 35.
لقد أخبرنا الله جل جلاله بخلقه لآدم عليه السلام من التراب وأخبرنا بأنه كان قد أحيانا من الموت وأخبرنا بأنه كان قد أنشأنا من ذرية قوم غير من ذرية أبينا آدم وهذا فيه التأكيد إذن على أن الله كان قد أحيا الإنسان من الموت وأنشأه من ذرية قد سلفت وأنقضت فكان أصله ومنشأه يعود على ذرية قوم آخرين من الإنس كانوا قد سبقوه بالخلق ومن عجب الذنب “ذريتهم” والذي بقي من ترابهم أو ما تبقى منهم، وهذا كان ما بدأ الله به في خلقه لآدم.
إن من الجدير بالذكر وهو بأن قُدراتنا العلمية العصرية والتي على الرغم من تقدمها تبقى محدودة تُخبرنا بإستحالة خلق قوم من ذرية قوم آخرين، ولكن الله سبحانه وتعالى يُخبرنا بما هو عكس ذلك فيقول مُخاطباً الناس “كَمَا أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ” وبالتالي فحين يكون الكلام عن من هو مخلوق من ذرية قوم لا يتشارك معهم بذريتة فهذا معناه بأن تم التحويل أو التجديد والتغيير والمعالجة والجعل الذي تم إخضاع ذرية الأولين له، وتم معه إعادة ترتيب وتكوين المادة الوراثية للذرية من خلال آلية تطويع ذري ومعالجة خلقية جينية وذلك من أجل إعادة بناءها وبالتالي تبدأ بعدها مرحلة النشأة والتي تنتهي بخلقه ونشأته بِحلَة وصورة جديدة.
إذن فغير من المُمكن للبشر الآدميين لأن يكونوا قد خلقوا من سلالة وراثية لقوم آخرين لا ينتمون لهم بيولوجياً دون المعالجة الجينية وهي ما أشار عليها القرآن الكريم بالتسوية والتعديل والتقويم والتركيب والتصوير،
قال تعالى “يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ. الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ. فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ. سورة الإنفطار 6 – 8 .
نرى في هذه الآية الكريمة إخبار الإنسان الآدمي بحقيقة خلقه الأولي الغير سوي والذي كان عليه، فأخضعه الله تعالى للتسوية والتعديل والتصوير ومع ذلك عصى ربه، فما غر الإنسان بربه الكريم والذي افاض عليه بنعمه التي شملت على تسويتة وتعديله وتركيبه وتصويره والتي أتت بعد خلقه له حيث لم يُبقيه على ما خُلق عليه بل حسّنه، فالتسوية شملت على التصوير والتركيب والذي أدى إلى التعديل، وتَعْدِيلُ الشيء(معجم لسان العرب) هو “تقويمُه، وقيل: العدلُ تَقويمُك الشيءَ بالشيءِ من غير جنسه حتى تجعله له مِثْلاً“، وفي ذلك نقول بأن معشر الإنس يحتوي أو إحتوى على الأجناس الإنسية ومنها الآدميين والذين كانوا ما قوَّم الله بهم الأجناس الأُخرى من أمثالهم، أي ركبك بالصورة والخلقة التي أرادها الله لك.
لقد أتت كل من مراحل التسوية والتعديل والتصوير بعد الخلق “والذي هو الإحضار للوجود” وهذا واضح من خلال الآية الكريمة، فلقد عرّفنا الله بكرمه فقال بربك الكريم، أي كيف قبلت أيها الإنسان لأن يُغر بك وتبتعد عن إلهك هذا الخالق الكريم والذي أعطاك دون طلب فهو لم يكتفي بخلقك والإبقاء على حالك البدائي لا بل عمل على تحسينك فكانت التسوية في بناءك فقال “فسوّاك” وما أحتوت عليه من المقادير الثابتة والضرورية في تسويته المتقنة فقال الله تعالى،
مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَه. سورة عبس 19 .
لقد كان بأن خلق الله آدم أبو البشر من ذرية الإنس الذين سبقوه ولكن بعد أن أخضع مكوناتهم الذرية لبعض التغيير ولربما التحديث وما شابه ذلك حيث وظّف ما سمح بذلك (مثل تقنية النسخ مثلاً) وذلك عن طريق التلاعب في المكونات الوراثية ومحتويات النواة وإعادة ترتيبها وصياغتها وبالتالي فهذا فيه التأكيد على وجود الإنسان الأول والذي سبق خلق الإنسان الآدمي والذي إستخلفه آدم أي حل محله وانقرض وانعدم بمجيئه.
فقوله تعالى ” إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاءُ” وقوله تعالى “كَمَا أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ” مُوَجّه بالتحديد كما نرى لبني آدم أي الناس والذين كان قد وهبهم الله خلافة الأرض وخصّهم برسالة القرآن الكريم “لاحظ علاقة الإستخلاف والنشأة من الذرية”، فإن قول الله تعالى “إن يشأ يُذهبكم” هو إشارة على ما كان قد تم وحصل من قبل للأولين من الإنس من الغير آدميين والذين كانوا قد سكنوا الأرض قبل الآدميين وأذهبهم الله واستخلف من بعدهم آدم وذريته، ولو تمعنا بقوله تعالى بوعيده لهم بأنه إذا أراد لأن يُذهبهم أي يقضي عليهم فهو قادر لأن يستخلف من يقوم ويكون ويحل بمحلهم ممن أراد إستخلافه وهذا النذير والوعيد ألحقه الله بالتذكير بأصل الآدميين ومنشأهم وكأنه يقول بأنه كما عمل على نشأة آدم وذريته من الناس من قوم غير قومهم فهو بقادر لأن يقضي على البشر الآدميين ولأن يستخلف مكانهم من هم بديل عنهم ليخلفوهم، فهذا كان قد حصل معهم وكانوا هم قد خلفوا من كان من قبلهم وكانوا ذرية لهؤلاء القوم الآخرين الذين سبقوهم من الإنس، فكان من خلال قوله تعالى “أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ” إشارات مباشرة وثابتة نستنتج منها بأن الإنسان الآدمي تمت نشأته من ذرية قوم كانوا قد ماتوا، وقوله تعالى (يستخلف من بعدكم) أتى التذكير بالإستخلاف في هذا السياق فهو يتحدث وبوضوح عن ما كان قد حصل من قبل وهو نذير لما هو بالممكن لأن يحصل ثانياً للإنسان إذا شاء الله له بذلك وهذا فيه إنذار له وتذكير وعبرة ووعيد، فكان فيه الدليل على الإستخلاف الذي حصل للأقدمين من خلال حضور آدم عليه السلام وهذا يقودنا إلى قوله تعالى،
“وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً …” سورة البقرة 30 .
وبالتالي فإذا إجتهدنا في تفسير هذا الخطاب القرآني وخصوصاً المتعلق بموضوع الخليفة وذلك عن طريق الرجوع إلى معجم لسان العرب أي لسان حالنا: ففيه نقول خِلفة فلان أي ذريته وأولاده، والخليفة هو من يخلف أباه ويكون خلف له وخليف يحل مكانه ومن ذريته، والخَلَفُ والخَلْفُ: ما جاء من بعدُ، يقال: هو خَلْفُ سَوء من أَبيه وخَلَفُ صِدْقٍ من أَبيه، بالتحريك، إذا قام مَقامِه والخَلْفُ: النَّسْلُ، وجاء خِلافَه أَي بعده. وقرئ: وإذاً لا يَلْبَثُون خَلفَكَ إلا قليلاً، وخِلافك. وخَلَفَه يَخْلُفه: صار خَلْفَه. واسْتَخْلَفَ فلاناً من فلان: جعله مكانه. وخَلَفَ فلان فلاناً إذا كان خَلِيفَتَه. يقال: خَلَفه في قومه خِلافةً. وخَلَفْتُه أَيضاً إذا جئت بعده. ويقال: خَلَّفْتُ فلاناً أُخَلِّفُه تَخْلِيفاً واسْتَخْلفْتُه أَنا جَعَلتُه خَليفَتي.واسْتَخْلفه: جعله خليفة. والخليفة الذي يُسْتخْلَفُ مـمن قبله، والجمع خلائف، ابن سيده: قال الزجاج جاز أن يقال للأَئمة خُلفاء الله في أَرْضِه وخَلفَه يَخْلُفُه خَلَفاً: صار مكانه. قال ابن الأَثير: الخليفة مَن يقوم مَقام الذاهب ويَسُدُّ مَسَدَّه، والهاء فيه للمبالغ.
ولمزيد من التوضيح لمفهوم الخلافة نراه في قوله تعالى “وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ” سورة الأعراف 142.
وقوله تعالى “يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ” سورة ص 26 .
إذن فالخليفة هو من يخلف من كان قبله، وعلى الأغلب يكون من هو من معشره كما سبق وذكرنا وهذا وحده يجب لان يكون بالتفسير الكافي وهذا يُخالف ما إدعى الكثير خطأ على أن آدم كان خليفة للجن، والآخرين القلة ممن أدعوا أنه خليفة لله على الأرض والعياذ بالله !! وهذا خطأ كبير أما الجن فهم ليسوا من نفس المعشر الإنسي حتى يخلفوهم، بالإضافة على أن الجن هم كائنات حية مخلوقة من النار وفي ذلك كان قوله تعالى وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ” سورة الحجر 27 .
كما وأن النار ليست من مكونات الأرض حتى تأنس الأرض بها كما هو الحال مع الإنسان والمخلوق من الطين، وهذا دليل على خلافة الأرض والتي هي بأن يخلف قوماً أو أنسيين قوماً أو إنسيين آخرين ولا يخلف الإنسان الجان فهم ليسوا من معشراً واحداً ولا يخلف الإنسان الملائكة بل كل يخلف جنسه ونوعه، وأما من لايزال يعتقد بأن المقصود هم الجان والذين كانوا يسكنون الأرض فنقول لهم إذا كان الجن قد أفسدوا في الأرض وسفكوا الدماء فهل من المعقول بأن الله تعالى يكافئهم ويجعل السماء والجنة سكن لهم فهذا طبعاً ليس بالمعقول وإجتهاد ضعيف وغير مدعوم وينقصه الإسناد الصحيح. ولذلك فإننا نعتقد بأن هذا الرد عليهم لهو بالكافي ولكن طبائع الناس وعنادهم حال دون ذلك،
قال تعالى “وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ الرَّحْمَـٰنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ” سورة الشعراء 5 .
أما قولنا في الذرية (وأصلها مأخوذ ومُشتق من الذرة) فهي أقل شيء في المادة وأصغره وهي لا تُرى في العين المجردة إلا عن طريق المجهر وفيها،
قال تعالى “وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِن ذَ‌ٰلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ” سورة يونس 61.
إن من عجائب القرآن هو ما نراه يُحدثنا عن أن الذرة على الرغم من حجمها المجهري والغير مرئي ألا أن الله أشار على أن لها وزن “الوزن الذري” والذي هو ثقلها فقال تعالى “مثقال ذرة” وذلك منذ حوالي الألف وأربعمائة عام مضت اما حين القول بأن الناس مخلوقين من ذرية قوم ما أو من ذرية آدم فهذا يعني بأنه مخلوق من اتحاد اصغر لبنات المادة والتي هي الذرات (والتي تساوي الخلية الإبتدائية عند الإنسان) والذي في تكوينها أيضاً أخبرنا القرآن على إحتواءها على ما هو أصغر منها بقوله ” وَلَا أَصْغَرَ مِن ذَ‌ٰلِكَ” فهي تحتوي على النواة والجُسيمات الدقيقة والتي تخضع للإنقسامات عند البدء في مرحلة الخلق الإنساني والكائنات الحية الاخرى، فالذرة للعناصر الأخرى ايضاً تحتوي على ما هو أصغر منها أي الإلكترونات والبروتونات والنيوترونات،
فيقول الله تعالى (إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَىٰ …. ) سورة الأنعام 95.
وهكذا تبدأ مرحلة النمو الجسدي التدريجي حتى تتم نشأة الإنسان كنتيجة للإنقسام النووي والذري والتي فيها تنقسم الخلية أي أول خلية ونواتها إلى إثنتين ومن ثم تبدأ بالتضاعف، وهذا من عجائب ما هو مذكور في القرآن أي (فالق الحب والنوى) فهو إشارة صريحة على إمكانية حدوث الإنشطار النووي والذي توصل إليه العلم الحديث في أوائل القرن الماضي على الرغم من ذكره بالقرآن منذ مئات السنين.
إنه من غير الممكن إنشاء قوم من ذرية قوم آخر بمفهومنا وعلمنا نحن إلا إن كانوا الإنشاء من أمواتاً لأن عملية الإنشاء لا تحدث إلّا على المستوى الذري وهذا ما يحدثنا به القرآن، فلو قال الله عز وجل أنشاكم من ذرية قومكم فهذا ممكن وهو يتم طبيعياً أما الإنشاء من ذرية قوم آخرين فهذا فيه إعجاز وآية حيث كيف للمُنشأ أي المخلوق الجديد بأن لا يحمل جميع الخارطة الجينية للأصل إلا أن تم عليها التعديل والتحسين والتغير والأهم التسوية فاصبح البشر الآدميين هم من قوم الإنسان الأول وذريتهم والذين يختلفون عنه في التركيبة الحديثة في الشكل والعقل والنطق وهكذا اي ذو ذرية جديدة.
ففي البداية حدثنا الله عن خلقه للإنسان من السلالة الطينية،
فقال تعالى “وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (15) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (16) سورة المؤمنون.
فكان أول ما خُلق منه الإنسان الأول هو سُلالة طينية… ، فالخلق كان قد تم بفعل السلالة (الدي إن إيه) والتي كانت مسؤولة فيما بعد عن نسج الإنسان وتكوينه، فكان خلق الإنسان عبارة عن خارطة إبتدائية مكتملة ومكونة ومصاغة بالكامل أي كان الإنسان المقدر عبارة عن خارطة جينية دقيقة “بلو برنت” تحمل كل أوصافه ثم بعد ذلك أتى عليه الجعل والذي تمثل في عملية النمو والتكوين المادي الحي فقال تعالى “ثُم جعلناه نُطفة” ولم يقُل جعلنا السلالة نُطفة بل قال ثم جعلناه مُشيراً على الإنسان أي جعلناه على الرغم من تكوينه الدقيق والمجهري فهو أصبح بالمخلوق ويحمل كل ما هو عليه من الصفات والتي سيحتاجها في تكوينه وثُم بعد ذلك جعله الله أي صيّره نُطفة أي خلية أولية إشارة على حجر الأساس ولبنة البناء الأولى والحبكة الأولى اللازمة في عملية التنمية الجسدية وبناءه العضوي التناسلي والتي تشكلت بعد الكم من الزمان والوقت الغير مُعرّف أو مُحدد بالنسبة لنا، فالسلالة أدت إلى صياغة النطفة أي لبنة البناء الأولى “الخلية الأولى” للإنسان وتشكيل مادتها العضوية.
لقد عرَّفَنا الله جل وعلى على الصنف الإنساني الذي إصطفاه وإختاره وميزه وفضله وكرمه من بين الأنواع والأصناف الإنسية المختلفة التي خلقها،
فقال تعالى “إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ” سورة آل عمران
وقال تعالى “وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ” سورة الأعراف 11.
فمن خلال التدبر بالآيات الكريمة أعلاه نلاحظ حدوث الإصطفاء لآدم في الآية الاولى، وحدوث الخلق والذي قدمه الله على التصوير بعامل زمني غير معلوم، ثم الحقه بعامل زمني آخر قبل أمر الملاءكة بالسجود لآدم، ولكن والمميز هنا هو حين ذُكر الخلق أتى بصيغة الجمع فقال الله تعالى “ولقد خلقناكم” أي أوجدناكم والقول هنا هو للآدميين وهم “الناس” فالقرآن هو بلاغ للناس،
قال تعالى “هَـٰذَا بَلَاغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ” سورة إبراهيم 52 .
وقال تعالى “إِنَّ فِي هَـٰذَا لَبَلَاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ” سورة الأنبياء 106 .
وبالتالي فلقد أُنزل القرآن إليهم وجاء يُخاطبهم … وبالرجوع للآية الكريمة نرى صيغة المخاطبة وهي للجمع وكأن الله يخبرنا بخلقه الأجناس المتعددة من قبل خلقه لنا أي تعدد أصناف المخاليق الإنسية التي خلقها الله والتي نحن شريحة منهم أي من حيث الجنس الإنساني فكانت مرجعيتها واحدة من حيث التركيبة الوراثية على الرغم من أماكن انتشارها وتناوب وتبادل حضورها الإنسي على فترات وأحقاب زمنية مختلفة ألا أنها لربما انحدرت من جد واحد والتي بعد أن أخضعها لعامل الوقت والتغيير اي المدة الزمنية أخبرنا الله عن تعدد وجوه خلقها وإختلافها من خلال التصوير فقال “ثم صورناكم” فأكمل ايضاً بصيغة الجمع، فلم يكن التصوير قد أتى سريعاً أو حدث في نفس الوقت أي تزامن وتصاحب مع حدوث الخلق لكنه أتى لاحقاً وبعد إنقضاء وقت من الزمان، فكان إذن حصول التصوير وكان به التعدد بالصورة حيث تم خلق النماذج والأشكال المتعددة من الإنسيين بِصُور عدة وأشكال مختلفة وهذا دليل تنوعها، ثُم ألحق بها عامل الوقت من جديد والتي أتت تُحدثنا عن إصطفاء لمن هو بصورة آدم والذي تبعه بأمر السجود لآدم “وهنا أختلفت صورة المخاطبة من الجمع إلى المفرد” وتم الإعلان عن البدء بمرحلة جديدة حيث قدم لنا آدم بعد إختياره من بين هذه الصور المتعددة والمتنوعة، فبخلقه انقطع الحديث عن الخلق والتصوير فقال تعالى (ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم) وهنا أتت ثم مرة أُخرى لتخبرنا بنبأ إصطفاء الله تعالى لآدم على العالمين، فأرادت مشيئة الله لأن يقع الإختيار على آدم (ألآدميين، وصنف وذرية الناس) وزوجه ليبتليهم فكان أول امتحان لهم بإسكانهم ملكوت الله وجنته.
ولكن فما الغريب والذي يستدعي الإهتمام والتحليل والتوضيح في قوله تعالى (ولقد خلقناكم) وقوله تعالى (ثم صورناكم) وقوله تعالى (ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم)، إن الله في هذه الآية الكريمة وبكل بساطة يُحدثنا نحن البشر الآدميين والذي خصنا برسالة القرآن ففي هذا الذكر راينا بأن الله يخاطبنا بصيغة الجمع وعن مراحل تصويرية وتشكيلية كنّا قد خضعنا لها ولكن ليس بثوبنا الآدمي بل بجنسنا الإنساني حيث تعددت واختلفت ولكن انتهت واستخلفت بالإصطفاء لصورة آدم والذي اراد الله لأن يجعله خليفة للبشر وللإنسان والمخلوقين من قبل.
إن المخاطبين هنا في هذه الآية الكريمة هم الناس وهم المعنيين برسالة القرآن ولكن الحديث هنا هو عن أصلهم الإنساني،
قال تعالى “لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ” سورة الأنبياء 10 .
قال تعالى “وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا” سورة الإسراء 106 .
إن من المستحيل لأن ينطبق هذا الحديث القرآني علينا نحن الآدميين أي الناس لأننا وبكل بساطة لم يسبق خلقنا خلق أبينا آدم، فكيف نكون كما قال الله تعالى “ وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ” فإذا كُنّا مخلوقين وعلى اشكال عدة ومختلفة من قبل خلق أبينا آدم فكيف لنا لأن نكون من ذريته، أم إذن كان الله تعالى يُخاطبنا كمعشر الإنس وليس الناس.
إذن فإن الحديث هنا هو في الحقيقة يُشير على العنصر الإنسي بشكل عام وليس على الناس بالشكل الخاص ولذلك أتى الحديث عن خلقهم وتصويرهم ثم إصطفاء آدم منهم وعليهم ليكون خليفة لهؤلاء الإنسيين من قبله، فلا بد وأن الذين خلقهم الله هم القوم الآخرين من الإنس الذين ننتمي نحن اليهم من معشر الإنس فأتت صيغة الجمع حتى تحتوينا في هذه الصيغة الإنسية وتشمل علينا كجزء من الخلق الإنسي العام أي خلقناكم أيها الإنس وهنا المقصود الإنسان الأول بشكل خاص بكل أشكاله ثم اتبعها الله بالتصوير (أي تعدد الأوجه الخلقية للمخلوق الأول والذي تعددت أشكاله والتي تبعها العامل الزمني والفترة من الزمان اي تتابع وتكميل وأتت على مراحل وحقب زمنية مختلفة وسبقت التعريف بآدم حيث كان الخلق والتصوير أي التعددية في المراتب الإنسية وأشكالها قد سبق خلق آدم، فالناس (أي الجنس البشري الآدمي) لم يكن الله ليُخاطبهم بصيغة الجمع وذلك لأنهم لم يكونوا بالموجودين ولم يكن قد أصبح لآدم ذرية بعد حين طلب الله من الملائكة بالسجود له، فكيف لأن يفترض البعض بأن هذا الخطاب القرآني يخُص الإنسيين من بني البشر أي الآدميين ولم يكن الله قد خلق آدم أو زوجه أو تكون لهم ذرية بعد، وكان الترتيب للخلق الآدمي هو النفس الواحدة وهي شخص آدم عليه السلام حيث تم خلق زوجه حواء منه وبعد ذلك تم نشر الذكور والنساء منهما معاً، فكانا معاً مسؤولين عن بني آدم من البشر واشتركا في ولادتهما ومن ثم في تكاثرهما من الزوجين بنفس الطريقة،
قال تعالى “يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا” سورة النساء 1 .
إذن فمن هم هؤلاء الذين يُحدثنا الله عنهم ويخاطبنا وكأننا هم، والجواب على ذلك لابد وأن يكونوا قد خلقوا قبلنا ومن ثم تعددت أشكالهم وهيئاتهم حتى تم الإصطفاء عليهم وعلى الجان (على العالمين) عن طريق إختيار الله لآدم ليحظى هو وذريته بالتكريم، ومن ثم الطلب للسجود لآدم أي لشخص واحد من بين هذه الصور والهيئات المتعددة للخلق وتجاهل البقية، فلقد إصطفاه وأختاره فاصبح خليفة يخلفهم، وبما أن الله يحدثنا عنهم ويشملنا بالحديث عنهم وعن أنفسنا فلا يسعنى سوى إلا أن نستنج على أن هذا الخلق الإنسي هو أشمل وأوسع من الخلق الآدمي ويشمل عليه وهو أصله، وبالتالي لا يسعنى سوى القول بأن الله العلي القدير كان قد خاطبنا نحن الآدميين فقال لنا بأنه خلقنا أي نحن الإنسيين أي معشر الإنس والذي نحن جنس من أجناسه وفرع منه فالكل والجمع هم الإنس والذين كان قد خلقهم الله ومن ثم جعل منهم الأصناف والأشكال والتنوع فكان هذا هو التصوير الذي أخبرنا الله عنه، فالله ببساطة يخبرنا عن قصة الأمس وماذا كان قد حصل معنا اي معشر الإنس وقبل أن يعمل على الإصطفاء لشخص آدم ليكون محمد من ذريته رحمة للعالمين، وبخلق آخر مثيل لخلقه لآدم يحضر الله لنا المسيح عيسى ابن مريم آية لا بل ورحمة منه والذي في خلقه كان لبس من خلق جديد ولذلك خبرنا الله بحقيقته وبأن خلقه هو يماثل خلق آدم من قبله وذلك ليكف الناس عن التحيُّر والتخبط بهويته الإنسية.
ولمزيد من التوضيح نأخذ،
قول الله تعالى “إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34)” سورة آل عمران
إن إصطفاء الله لكل من نوح وآل إبراهيم وآل عمران يمكن إدراكه وهو الإصطفاء على غيرهم من الناس، أما بالنسبة لآدم وهو أول ما خلق الله من الآدميين فما هو تفسير إصطفاءه وعلى من كان قد تم إصطفاءه خاصة وأن الكثير من علماء المسلمين لا يؤمنون بوجود أي من الأجناس الإنسية والتي سبقت خلق آدم وكان إصطفاءه عليها.
فالإصطفاء كما نستمده من لسان العرب هو: اسْتَصْفَى الشيءَ واصْطَفاه: اختارَهُ. والاصْطِفاءُ الاخْتِيارُ، افْتِعالٌ من الصَّفْوَةِ. فأذهب الله الإنسان البدائي الأول بأنواعه وأشكاله المختلفة وأستخلف من بعده آدم وذريته وبذلك يكون قد إصطفاه منهم، ثُم أذاع خبر قدومه في قوله تعالى “إني جاعل في الأرض خليفة” وبالتالي عمل على إستبدال القوم الآخرين بالآدميين والذين أنشأهم من ترابهم ومن ذريتهم بعد أن أدخل على آدم المخلوق الجديد التعديلات والتحسينات والتغيرات وذلك نأخذه من قوله تعالى “الذي أحسن كُل شيء خلقه”.
فبني آدم يتبعون بذريتهم لذرية آدم والتي هي نفس الذرية التي أبقى الله تعالى عليها وحملها نوح،
يقول الله تعالى “ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ” سورة آل عمران 34.
إذن فهي ذرية آدم عليه السلام والتي أبقاها الله ذرية لنوح عليه السلام وجعلها هي الذرية الباقية لتكون هي نفسها ذرية الناس التي نقلها وابقى عليها ذرية لنا، فاصطفى الله نوح على الآخرين وجعله يحمل ذرية آدم لنا معه بالفلك،
فقال تعالى”وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (75) وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (76) وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ (77) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآَخِرِينَ (78) سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ (79) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (80) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (81) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآَخَرِينَ (82) وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ (83) سورة الصافات.
فأخبرنا الله تعالى بأنه حمل ذرية الناس في الفُلك المشحون فقال تعالى “وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ” سورة يس 41 .
فكانت ذريتنا والتي جعل منها الله آية لنا هي نفسها ذرية آدم ونوح والتي ابقى الله عليها في الفُلك، فقول الله تعالى “وآية لهم” أي للناس بأن الله حمل ذريتهم عن طريق ما كان قد حمل على الفلك مع نوح والذين قال الله فيهم ” وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ” فكان من بقي من الناس هم فقط من ذرية نوح والذين هم كانوا حملة ذريتنا من آدم ونقلوها لنا فما بقي من الذرية من بعد الطوفان سوى ذرية نوح وقال تعالى “ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآَخَرِينَ”، فمن بقي من الناس وسلالاتهم إذن ينحدرون من نفس ذرية آدم عليه السلام، وبما أن الناس جميعاً الذين أبقى الله عليهم ينحدرون من ذرية واحدة ومن أبوهم آدم إذن فمن هم الذين تم انشأنا منهم ويختلفون عن ذرية الآدميين سوى هم قوم آخرين أي من جنس إنساني من غير ذرية آدم.
ولنتدبر قول الله تعالى مخاطباً الناس “الإنس من البشر الآدميين” “كَمَا أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ” سورة الأنعام 133. وهذا الذي يسوقنا للتَعَرُف على وجود الأجناس الإنسانية والتي سبقت خلقنا الإنسي الآدمي وخُلِقنا من ذريتهم.
لقد كانت بأن بقيت ذرية هؤلاء القوم الأخرين في طور السكون والموت حتى عالجها الله تعالى فكانت أساس البناء ونقطة البداية والتحول للمخلوق الجديد حيث تم معالجة الذرية وأوقع عليها الجعل،
فقال تعالى “إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا” سورة الإنسان 2 .
ومع الجعل عمل الله تعالى إلى إدخال التعديلات والإضافات والتحسينات الجينية عليها فأصبح الإنسان الآدمي خلق جديد وسَوي وعقلاني،
قال تعالى “فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ” سورة الحجر 29 .
وأصبح ذو علم وتكريم وتفضيل وفي ذلك كان،
قول الله تعالى “عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ” سورة العلق 5 .
وقوله تعالى “وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا” سورة الإسراء 70 .
لقد عمل الله على إنشاءنا من ذُرية السابقين من الإنس فأحتوت ذريتنا على الأصل وعلى ما وقع عليها من تجديد وتحديث والتي بها خلق الله تعالى آدم عليه السلام بصورة وذرية جديدة.
ومن الأحاديث النبوية التي أشارت على ما تبقى من بقايا الأموات والتي احتوت على ذريتهم هو عجب الذنب ونذكر منها ما يلي:
عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال ” كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب منه خلق وفيه يركب“ أخرجه البخاري والنسائي وأبو داود وابن ماجه وأحمد في المسند ومالك في الموطأ .
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” ثم ينزل من السماء ماء فينبتون كما تنبت البقل وليس في الإنسان شيء إلا بلى إلا عظم واحد وهو عجب الذنب ” أخرجه البخاري ومسلم ومالك في الموطأ وأبو داود والنسائي “
وروى أبو بكر بن أبي داود في كتاب البعث والنشور من حديث أبي سعيد أنه “قيل وما هو يا رسول الله قال مثل حبة خردل منه تنشئون” وعزاه أبوالعباس القرطبي لكتاب البعث لابن أبي الدنيا …..
وفي إحدى المقابلات مع د. محمد جميل الحبال كان له القول التالي في الإشارة على”عجب الذَّنَب”، … يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: “كل ابن آدم يبلى إلا عجب الذنب، منه خلق ومنه يركب” وقد جاءت أبحاث علم الأجنة عن أن الشريط الأولي The primitive Cord في الجنين في الأيام الأولى من تكوينه يكون هناك الشريط الأولي الذي هو مسؤول عن تكوين الأنسجة والخلايا في الجسم، وفي نهاية الأسبوع الثالث يضمر هذا الشريط الأولي، ويصبح في عجب الذنب قسم الخلايا الأم The Stem cell، الخلايا الأم تصبح في المستقبل في عجب الذنب، فعجب الذنب يحتوي على الخلايا الأم كالصندوق..””آخر فقرة في العمود الفقري، فيها من الخلايا الأولية كالصندوق الأسود في الطائرة، كيف عندما تسقط الطائرة يأتوا إلى الصندوق الأسود يأخذوا هذا المعلومات، في عظم العصعص، عجب الذنب هناك المعلومات لذلك المعلومات الـ.. لأن الخلية كل خلية بدنا ناخد الخلية.. الإنسان، في الإنسان في نواة الإنسان –كما تعلمون- 23 كروموسوم زوج من الكروموسومات، فيها من الجينات العوامل المورثات أكثر من مائة ألف جين، لكل شخص له خارطته الوارثية، يعني أنت لك خارطة جينية وراثية تختلف عن خارطتي، وكل شخص له رمزه، كما أن لك الرمز البريدي فهناك الرمز الجيني، فهذا الرمز سيبقى في هذه الخلية في عجب الذنب””الآن العلم الحديث في الهندسة الوراثية والجينية عزز لنا مفهوم الآخرة، لأن القرآن، الكريم يقول على لسان الكافرين (إئذا كنا تراباً ذلك رجع بعيد) لأن الخلاف في ذلك وقت.. يوم القيامة كان يؤمنون بالله ولكن يشركون به، ولكن قالوا: (أئذا متنا وكنا تراباً وعظاماً أئنا لفي خلق جديد) لكن الآن جاء العلم أن هذه الخارطة الوراثية موجودة كالبذرة في التراب، (وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت) تأتي إلى منطقة صحراوية جافة ليس فيها حياة ولا نبات ولا حيوان، وتقع الأمطار، وتأتي بعد أيام وترى أن العشب قد نبت، من أين جاءت؟ هناك البذور التي حُفظت في التربة، فهذه الأنوية الموجودة في عجب الذنب تحوي الرمز الجيني لذلك الإنسان، فعند يوم القيامة الأساس موجود “منه خلق ومنه يركب” فالأساس موجود ويبعث الله، في حديث آخر يبعث مطراً يلقح هذه الأنوية فيحصل النبات وتنبت، تنبت الأجساد (فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون) ثم تأتي الأرواح الموجودة في السماء وتتزاوج مع هذه الأجساد (وإذا النفوس زوجت) فإذاً الهندسة الوراثية حفظت لنا هذا الشخص بأوصافه الدقيقة المتميزة، حيث لا يوجد في العالم منذ خلق آدم إلى يوم القيامة شخصين لهما نفس الخارطة الجينية” “وهناك معلومة مذهلة ومهمة طبياً، أسأل إخواني الأطباء خاصة في علم الأنسجة الأورام التي تحصل في أي نسيج تحصل من الخلايا لذلك النسيج، مثلاً في العضلات تكون الورم من العضال، وفي العظام الورم عظمي، في الغدد الليمفاوية أورام الغدد الليمفاوية، لكن الورم الذي يحصل في العصعص –سأذكر لك شيئاً مذهلاً- إنه ورم لأنه من الخلية الأم Stem cell، The mother cell إنه ورم متعدد الأنسجة يسمى The teratroma يعني إذا حصل ورم في عظمة العصعص يكون يحتوي على عظم، على غدد ليمفاوية على عضلات، على غضروف، على غدد مخاطية فيسمى Teratroma يعني مشكل من اختلاف الأنسجة”
وقد أثبت في عدد من التجارب المختبرية استحالة إفناء عجب الذنب (نهاية العصعص) كيميائيا بالإذابة في أقوى الأحماض، أو فيزيائيا بالحرق، أو بالسحق، أو بالتعريض للأشعة المختلفة، وهو ما يؤكد صدق حديث المصطفى (صلى الله عليه وسلم) الذي يعتبر سابقة لكافة العلوم المكتسبة بألف وأربعمائة سنة على الأقل. إن أحاديث عجب الذنب من معجزاته صلى الله عليه وسلم. فقد أوضح علم الأجنة الحديث، أن الإنسان يتكون، وينشأ من عجب الذنب هذا (يدعونه الشريط الأولى )، وهو الذي يحفز الخلايا على الانقسام، والتخصص، والتمايز، وعلى أثره مباشرة يظهر الجهاز العصبي في صورته الأولية ( الميزاب العصبي، ثم الأنبوب العصبي ثم الجهاز العصبي بأكمله)، ويندثر هذا الشريط الأولى إلا جزءاً يسيراً منه يبقي في المنطقة العصعصية التي يتكون فيها عظم الذنب ( عظم العصعص )، ومنه يعاد تركيب خلق الإنسان يوم القيامة كما أخبرنا بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.
فالإنسان يبعث يوم القيامة من عجب الذنب وفيه كان قد خُلق،
قال تعالى “وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ” سورة يس 51 .
فعجب الذنب يحتوي على الخيط الأولي والعقدة الأولية المحتوية على جين الصندوق وذلك مثله في النبات والذي ينمو من البذور بتنظيم وبتحكم من جين الصندوق، وكان من أهم المواضيح والبحوثات العلمية والتي كُتبت في هذا المجال كان من إعداد الدكتور/ عثمان جيلان علي معجمي والذي هو بعنوان الإعجـاز الطبـي فـي عـجـب الـذنـب.
أما وللمزيد من عجائب القرآن فإننا نرى الله يُشير بالتحديد على مكان حفظ الذرية والذي كان فيه قوله تعالى،
“وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ …….” سورة الأعراف 172 .
فعند التدبر في قول الله تعالى هنا وبالأخص في قوله ”من ظهورهم ذريتهم” لتعرفنا على أنه يُشير وبالتحديد على مكان حفظ الذرية والذي أكتشف وجوده في عجب الذنب والذي هو في آخر فقرات الظهر “العصعص” والذي يحمل الخارطة الجينية الكاملة لكل فرد.
ومرة أُخرى نُذَكِر بقوله تعالى “إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ ۖ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ” سورة آل عمران 59
وهكذا خلق الله عيسى عليه السلام من التراب وليس من مريم وكان مثله كمثل آدم من قبله وبالتالي فإن كل ما ينطبق على آدم من خلقه من التراب ينطبق على عيسى فهو مثله كمثل آدم، فكان بأن أُحيي من الموت وكان قد خُلق من ذرية قوم كانوا قد هلكوا وأُبيدوا



  رد مع اقتباس
رد



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
الانتقال السريع إلى


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 01:24 AM.