فراس القاضي
لا أعتقد أن هناك لغة أو لهجة في كل العالم، تعبر عن مكنونات النفس، وخاصة حالات الامتعاض كما تفعل اللهجة الديرية، إذ تكفيك أحياناً كلمة واحدة للتعبير عن إحساس تحتاج إلى عشرات الكلمات لتعبر عنه بلهجة أخرى.
شخصياً.. أنا مغرم بمصطلح ( قطيعة )، لأنه ليس معبراً فحسب، بل هو برأيي المصطلح الجوكر، الذي يناسب كل المشاعر والاحتجاجات، وإليكم الإثبات على هذا الكلام:
حاول أن تعبر من نهاية شارع نادي الضباط باتجاه جريدة الفرات، أو من شارع مدرسة الفرات باتجاه الجريدة.
ستضطر في المكانين للنزول عن الرصيف عند المنعطف، أي في المكان الأخطر الذي تنعدم فيه رؤية امتداد الطريق من قبلك ومن قبل السائق، الأمر الذي قد يتسبب بحادث سير مميت، وطبعاً أنت لن تنزل بإرادتك، بل مجبراً بسبب الأكشاك الموضوعة على ( الكوع ) تماماً، واللوحات الإعلانية الضخمة الموضوعة في المكان نفسه، وأغصان الأشجار.
لذا ودون قرار مسبق فإنك ستجد نفسك تستعمل إحدى المفردات الديرية التي تشفي الغليل بحق من خطط ونفذ وتغاضى عن هذه المخالفات التي ربما تتسبب بأن يقولوا عنك: الله يرحمو.
منذ أشهر انتهى تنفيذ جسر المشاة المجاور لكنيسة اللاتين ووضع في الاستثمار، وكلمة وضع في الاستثمار تعني بالضرورة أن أعماله انتهت بشكل كامل.
لكن وحتى اللحظة، ما تزال بقايا المواد على الأرض من جهة الحديقة، وما يزال الرصيف مكسراً، وأيضاً تجبرك هذه البقايا إلى الابتعاد عنها، الأمر الذي سيجبرك مرة أخرى على المشي في منتصف الشارع، يعني في حال ( نفذت ) من المرور بجانب ثانوية الفرات، فليس بالضرورة أن ( تنفذ ) مرة ثانية، وستبقى كلمة الله يرحمو تلاحقك، لذا ستضطر مرة أخرى إلى استعمال إحدى المصطلحات من العيار الثقيل، الكفيلة بإشعارك بأنك حصلت على حقك.
تفاجأ بأكياس قمامة تلقى من نوافذ وشرفات بعض المنازل التي تسكنها أسر يقول عنهم الناس: أكابر!
تستمع لشكوى ويأخذ منك التحقيق فيها وقتاً طويلاً، لتكتشف في النهاية أن صاحب الحق هو المُشتكى عليه، والشكوى نوع من أنواع الضربات الاستباقية.
وبالعودة للهجة الديرية، فيوماً بعد يوم تنحدر نسبة المتحدثين بها بين الشباب والشابات خصوصاً، فتجد إحداهن تنام ديرية، وبقدرة قادر تستيقظ شامية، وتتحدث بلهجة غريبة عجيبة لا تمت بصلة لا للهجة الشامية ولا للهجة الديرية، ومن الممكن تسميتها: ديري بالشامي، من قبيل: ( عم يدحئ علي ) أو ( ترا آجي أئلب الدنيا ألب).
والآن بربكم 
قطيعة إلا مو قطيعة
منقول
رد: المصطلح المناسب في المكان المناسب
العرض العادي
