رد: مناقشة الأحوال الجوية السائدة والمتوقعه خلال شهر تشرين ثاني/2016
اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمود الخطيب
لا ولشي...شقت حالي رايق .قلت خليني امغصكوا
[IMG][/IMG]
بقلم جوني منصور مؤرخ فلسطيني
· "سنة الثلجة الكبيرة"، حدث تاريخي ترك بصمة عميقة في ذكريات الناس.
· توقفت الحياة العادية لأربعة أيام متتالية بين 4 و 7 شباط 1950.
· ستون عامًا بعد "سنة الثلجة"، ماذا بقي في الذاكرة؟
"سنة الثلجة" ـ حدث غريب من الناحيةالمناخية وقع في بلادنا قبل ستين عامًا بالكمال والتمام. حيث غطّت الثلوج معظم مناطق الوطن، بما فيها المناطق الساحلية.
· يؤرخون بـ "سنة الثلجة"
كان ذلك بين 4 – 7 شباط من العام 1950 . درجت العادة في تقاليدنا الفلسطينية وتاريخنا الشعبي اعتماد حدث مميز ليكون تاريخًامفصليًا نؤرخ ما قبله وما بعده وما حصل ووقع خلال العام. وها هي سنة الثلجة في عام 1950 تتحول لتكون هذاالحدث المفصلي. فيقولون في سنة الثلجة حدث كذا وكذا، وفي سنة الثلجة ولد فلان، وفيسنة الثلجة توفى فلان، وهكذا...وبالفعل كانت سنة الثلجة متميزة للغاية من حيث كمياتالثلوج التي سقطت في البلاد، وفي البلاد العربية الأخرى المجاورة كلبنان والاردنوسوريا. وعادة تسمية العام بحدث بارز لها سوابق في التراث الفلسطيني، إذ نجد أن الناس يؤرخون لاقيام الكيان الصهيوني باستعمالهم "سنة الاستحلال" للدلالة على وقوعهم تحت الاحتلال الصهيوني في العام 1948. ويسمون السنة التي انتشر فيها الجراد وأكل الأخضر واليابس بـ"سنة الجراد". وهذا مرده إلى غياب استعمال التقويم السنوي الدقيق المحسوب بالأيام كما نفعل في عصرنا.
· معطيات دائرة الأرصاد عجيبة وغريبة!!
واعتمادًا على معطيات دائرة الأرصادالجوية فإن الثلوج المتراكمة قد بلغ ارتفاعها في عدد من مدن وقرى البلاد وفقًا لمايبينه الجدول التالي:
عكا: 55 سم. حيفا(على قمة جبل الكرمل)50سم، وفي البلدة التحتا وعلى منحدرات وسفوح الكرمل المطلة على الميناء: 35 سم،الجش: 50سم، الناصرة: 40سم، العفولة:27سم، القدس: 50-70سم، طبريا: 15سم، العوجا(في النقب):15سم. معنى ذلك أن ظاهرة غريبة قد حدثت في هذه الأيام بالذات وأدّت إلى سقوطكميات هائلة من الثلوج وتراكمها حتى في مناطق ليست مهيأة أو عُرضة لمثل هذه الحالة. وشملت سنة الثلجة كافة مناطق البلاد، ما عدا منطقة البحر الميت لإتصافها بارتفاعدرجة الحرارة فيها لانخفاضها الهائل(400 تحت سطح البحر الأبيض المتوسط، وهي أخفضمنطقة في العالم). وليست هذه هي المرة الأولى التي تتراكم فيها كميات هائلة منالثلوج، إذ حدثت في عام 1934 ثلجة قوية، ولكنها لم تصل إلى ما وصلت إليه ثلجة 1950.
أما بالنسبة لدرجات الحرارة في أيام الثلجة الكبيرة فكانت هي الأخرى أقل من معدلها السنوي للفترة ذاتها بنسبةكبيرة، حيث هبطت إلى ثلاث درجات تحت الصفر في حيفا، وإلى تسع درجات تحت الصفر فيصفد ومنطقتها، وإلى أربع درجات تحت الصفر في بئر السبع.
· تعطلت الحياة في حيفا وسواها من المدن
وتعرّضت أحياء حيفا إلى موجات متواصلة منالثلوج التي أخذت تتراكم بكميات كبيرة حتى أصبحت الحركة بطيئة في المدينة. إلا أناليومين التاليين للثلجة كانا صعبين للغاية بحيث أن شللاً هائلاً أصاب المدينةوانقطعت الاتصالات والمواصلات مع عدد كبير من الأحياء والحارات والبيوت والمؤسسات. وأعلنت البلدية عنإغلاق كافة المدارس والمؤسسات التعليمية في المدينة. ولم تتمكن سيارات الخدمات منتقديم خدماتها في الأحياء.
· نقص في الخبز، وغياب البسكوت!
وحصل نقص كبير في كميات المواد الغذائية في المحلاتالتجارية والدكاكين، خاصة وأن الأفران وجدت نقصًا في كميات الدقيق المطلوبة لإنجاز كميات من الخبز، ولم تتوفر بدائل عن الخبز! أضف إلى ذلك أن طواقم البلدية من صيانة وإغاثة واجهت صعوباتجمّة في الوصول إلى المواطنين المحتاجين إلى مساعدات على مختلف الأصعدة.
· إزالة الثلوج عن السطوح
ووجهت البلدية نداء إلى كافة مواطنيحيفا بالعمل مباشرة على إزالة الثلوج المتراكمة فوق سطوح منازلهم منعًا لحدوثانهيارات والتسبب في الأذى والأضرار البشرية.
· مهاجرون يهود يعانون البرد، بانتظار منزل عربي يستولون عليه!
وأفادت الصحف العبرية القطرية أن موجةالثلوج هذه قد أدت إلى اقتلاع عشرات الخيام والبركيات التي تم فيها إيواء المهاجرين اليهود الذين وفدوا إلى الكيان الصهيوني في ذلك العام، وهي التي تُعرف بـ "معبروت". وأفادت هذه الصحف أيضًا أنبعض المهاجرين قد لاقى حتفه جرّاء سقوط سقف براكية فوق رؤوسهم في إحدى تجمعاتإيواء المهاجرين. ووضعت الحكومة الصهيونية نهاية للخيام التي خصّصت للمهاجرين اليهود ببناء مساكن جديدة لهم، أو تسليمهم بيوت العرب الفلسطينيين في طبريا وصفد وبيسان وحيفا والقرى المهجرة بعد أن تمت عملية ترحيل أصحابها عنها.
إزاء ذلك وبصورة أشد قسوة وألمًا أفاد شهود عيان ومعايشين للأحداث الفلسطينية المأساويةبعد عام النكبة والذي لم يكن بعيدًا زمنيًا، أن اللاجئين الفلسطينيين في مخيماتاللاجئين التي بدأت مؤسسات الأمم المتحدة بإقامتها، وتلك المخيمات التي أُقيمت بصورةعشوائية في الأردن وقطاع غزة ولبنان كانت عرضة إلى التدمير والاقتلاع جراء العواصف الثلجية التي ضربت المخيمات. وتمّ الإعلامعن وفاة أكثر من 70 فلسطينيًا لاجئًا جرّاء البرد القارس وانعدام وسائل التدفئة وقلّةالمواد الغذائية وغياب خدمات الرعاية الصحية. وأكثر من ذلك، أفادت هيئات الإغاثةالتي كانت تعمل قبل انطلاق وكالة الغوث(الاونروا) أن عددًا من اللاجئين قد أصيببأعراض نفسية خطيرة بتأثير الاقتلاع عن الوطن وفقدان الأحبة وخسارة البيوتوالمنازل. وتركت هذه الأحداث أثرًا بالغاً في نفوس من عايش تلك الفترة واختبر تجربةالاقتلاع والابتعاد عن الوطن والمنزل الخاص.
· "سنة الثلجة" في الأدبيات الفلسطينية
واستفاد عدد من الأدباء الفلسطينيين من هذا الحدث وآثاره المؤلمة في كتابة رواياتهم وقصائدهم الشعرية. فها صديقنا الكاتب يحيى يخلف يصف اثر سنة الثلجة في روايته الأخيرة "ماء السماء" (صدرت في عام 2008) ونوجز الوصف: أن الثلجة الكبيرة والتي جعلت من بيوت الصفيح جحيمًا، كما كان لحر في الصيف يجعل منها جحيمًا أيضًا. فالحر والثلج بالنسبة لبيوت الصفيح سواء، ولذلك وصف الله الجنة بقوله:"لا يرون فيها شمسًا ولا زمهريرا"، أي لا حرّ ولا برد؛ لأن كليهما عذاب. وعذاب البرد هذا فوق عذاب الشتات والضياع واللجوء والغربة.
أما الكاتب الفلسطيني غريب عسقلاني فوصف هذه الثلجة بقوله:"عام الثلجة في تقويم أهالي غزة هو العام 1950، حيث تساقط الثلج بصورة لم تعهدها الديار الغزية وسببت الريح اقتلاع خيام اللاجئين، ما نتج عنه موت عدد كبير من العباد أغلبهم من الأطفال الرضع، ولأن تسجيل المواليد كان بذخًا تعرفه المدينة فقط، اعتبر الناس عام الثلجة فاصلاً بين ما قبله وما بعده، وأبي الذي هو عند الله هو من مواليد الثلجة".
31 أعضاء قالوا شكراً لـ • HISHAM • على المشاركة المفيدة: