فضفضة مونديالية : على أي شيء يستقبلون مارادونا بهذه الحفاوة ؟

لا ينكر أحد قدر الأسطورة دييجو أرماندو مارادونا كلاعب قدم الكثير للكرة الأرجنتينية والعالمية وهو بلا شك أفضل من رأته أعين كل من ولد في النصف الثاني من القرن العشرين. لكن يبدو وأن هذا الأمر قد أثر بشدة على الجماهير الأرجنتينية التي خرجت في إستقبال مهيب إحتفاءاً بدييجو وفريقه العائد من كأس العالم ومطالبة باستمرار الأسطورة في تدريب منتخب التانجو رغم كل ما حدث. لكن مارادونا أخطأ .. أخطأ في إختيار الخطة.. أخطأ في إختيار التشكيل .. كل هذا كان واضحاً لكنه أيضاً أخطأ في إختيار اللاعبين المستدعين وهذا كان خطأه الأكبر. مارادونا قال قبل عدة أشهر إنه لا تهمه الأسماء بقدر ما يهمه العطاء في الملعب .. فإذا تجاوزنا عن "كارثة" عدم استدعاء مارادونا لخافيير زانيتي واستيبان كامبياسو بسبب غير فني في الأغلب، لنستعرض معاً أسماء لم يضمها مارادونا في مختلف الخطوط..بطبيعة الحال سنتجاوز عن حراسة المرمى فكل حراس المرمى الأرجنتينيين ليس فيهم "جويكوتشيا" جديد لذلك لم يكن هناك خطأ جسيم في استدعاء هذا أو استبعاد ذاك. خط الدفاع إن كان هناك مركز لعب فيه أكثر من لاعب في كأس العالم مع المنتخب الأرجنتيني فسيكون مركز الظهير الأيمن فمن كان يمكن أن يشغل هذا المركز بدلاً من حالة البلبلة التي شاهدناها بلعب خوناس جوتييريز تارة، اوتامندي تارة أخرى ؟ بابلو زاباليتا – مانشستر سيتي مدافع لا يشق له غبار.. مركزه الأصلي مع إسبانيول كان في الوسط الدفاعي، ثم غير مركزه مع مانشستر سيتي ليلعب في أغلب الأحيان كظهير أيسر .. يمتاز بسنه الصغيرة (25 سنة) وخبرته العميقة في الملاعب الأوروبية في دوريين من أكبر دوريات العالم. كريستيان أنسالدي – روبين كازان ألم يعلم مارادونا أن أنسالدي كان جوارديولا يريده ؟ لاعب تألق كثيراً في دوري الأبطال الموسم الماضي، أي كان له بصمة في كبرى بطولات العالم للأندية ويستطيع اللعب كظهير أيمن أو أيسر. أما عن مركز قلب الدفاع فرغم أن الأرجنتين لا تمتلك العديدين من قلوب الدفاع إلا أنه كانت هناك خيارات دفاعية أفضل من كليمنتي رودريجيز ونذكر على سبيل المثال. نيكولاس باريخا – إسبانيول من كان يتابع الليجا فسيعرف كيف كان هذا اللاعب صخرة في دفاع النادي الكتلوني.. تقريباً لم يكن يحمل عبئ الدفاع غيره ولولاه لتلقت شباك إسبانيول ضعف ما كانت ستتلقاه لكن ربما كان مركز قلب الدفاع من المراكز الموفق فيها مارادونا بدرجة كبيرة. أما في مركز الظهير الأيسر الذي اشترك فيه "عديم الفائدة" دفاعاً وهجوماً جابرييل هاينزه -الذي أتفهم تماماً مطالبته ببقاء مارادونا لأنه لا توجد فرصة أمامه في الإستمرار كلاعب دولي في حالة قدوم مدرب آخر- فرغم أنه لا توجد خيارات عديدة أمام "الأسطورة" إلا أنه بكل تأكيد كان هناك إختيار مثل. إيميليانو إنسوا – ليفربول ظهير الريدز الشاب لم يصل بعد لقمة مستواه الكروي، لكنه لاعب مبشر وربما كانت لتدب فيه الثقة إن أعطاه مارادونا إياها وفي كل الأحوال كان ليقدم مستوى أفضل من مستوى هاينزه الكارثي، أو كان ربما يتعين على مارادونا ضم أنسالدي للعب كظهير أيسر. خط الوسط ] خط الوسط كان الكارثة الكبرى بالفعل فلماذا يلعب مارادونا بطريقة 1/2/1 التي جعلت من خطوطه الدفاعية شوارع أمام أي فريق يلعب في قلب الملعب بسهولة وسلاسة تامة فأمامه ماسكيرانو فقط ..! لم يكن اللعب بـ 4/3/1/2 ليؤثر على القدرة الهجومية للفريق لاسيما في ظل إمتلاك عناصر الخط الأمامي لإمكانيات تعوض هذا النقص لكن الفكرة في لعب مارادونا بهذا الشكل كان بسبب معرفته أن ظهيريه لا يستطيعا التقدم فهما بالكاد يدافعان لكنه كابر وعاند ولم يضم ظهيرين مميزين هجومياً فضاعت عليه خطة كانت هي الأمثل لتوقف الألمان بدرجة كبيرة لأن ثلاثي الوسط الدفاعي كان سيتصدى لثلاثي الوسط الهجومي الألماني ويوقفهما بنسبة كبيرة. لا يعني ذلك أن 4/3/1/2 كانت لتؤثر على الأداء الهجومي المعروف عن التانجو لو كان قد اختار العناصر القادرة على الوفاء بهذه الطريقة، وإذا كان ماسكيرانو لا خلاف جوهري على قدرته على اللعب كإرتكاز –وربما كان زاباليتا ليكون بديلاً مميزاً جداً له- فإن من كان قادراً على التميز بهذه الخطة لم يكن موجوداً في هذه الخطة بل كان هناك سيباستيان فيرون الذي انتهى تقريباً ولم يتبقى من أدائه سوى بعض التمريرات الساحرة "النادرة جداً" لكنها غير كافية في ظل الكرة الحديثة التي لا تعترف إلا بالمجهود الكبير خصوصاً للاعبي الوسط. من كان سيكون قادراً على الوفاء بهذه الخطة ؟ لوتشو جونزاليس – مارسيليا هذا اللاعب لم ينخفض مستواه منذ خمسة مواسم منذ أن كان يلعب في بورتو.. لاعب رائع قادر على صناعة اللعب، الدفاع، التسديد القوي ومساندة الظهير الأيمن بطريقة مميزة جداً.. مارادونا تجاهله بطريقة غريبة رغم أنه كان علامة مميزة في فوز فريقه بالدوري الفرنسي بعد غياب لأكثر من عقد. إيبر بانيجا – فالنسيا في الوقت الذي كانت فيه العين على "الدافيدان" فيا وسيلفا في فالنسيا، كان هذا الأرجنتيني يعيد أمجاد الأرجنتينيين في الخفافيش كونه أول أرجنتيني يلعب في فالنسيا منذ رحيل آخر أرجنتيني عن الفريق وهو أيالا.. بانيجا قدم أفضل موسم له في الملاعب الأوروبية على الإطلاق وكان علامة واضحة في أداء فريقه وفي رأيي كان ثاني أو ثالث أفضل لاعب وسط في الليجا العام الماضي. وكما أسلفنا الذكر في حالة التغاضي عن كامبياسو وزانيتي تصبح طريقة مارادونا كالتالي ( 4/3/1/2) روميرو إنسوا (أنسالدي) بورديسو ديميكيليس زاباليتا (أنسالدي) ماسكيرانو بانيجا لوتشو ميسي تيفيز هيجواين (ميليتو) إن كان مارادونا قد أصر على خطته المفتوحة تماماً فكان عليه أن يتحسب الإنخفاض المريع لمستوى أنخيل دي ماريا ويتناسى تماماً ضم مهاجم منتهي هو الآخر واسمه مارتين باليرمو لا أذكر له في الوقت الحالي سوى إضاعة 3 ركلات جزاء في مباراة واحدة وكان على مارادونا إضافة لاعب وسط آخر هو دييجو بيروتي – إشبيلية برأيي، عندما يكون دييجو بيروتي في قمة مستواه فإنه أفضل من دي ماريا حتى لو كان في قمة مستواه، لكن حتى لو كان مارادونا يخالفني الرأي فإن بيروتي كان يستحق فرصة "محترمة" لتقديم ما لديه كما منح ديل بوسكي لاعبه خيسوس نافاس الفرصة هو الآخر وهما الثنائي الخطير اللذان كانا أفضل لاعبان في النادي الأندلسي الموسم الماضي. خط الهجوم لكن لنفرض جدلاً أن مارادونا أصر على عدم ضم بيروتي فهناك لاعبان ممن كانا يستحقان فرصة على حساب مارتين باليرمو الذي تشعر أن مارادونا ضمه فقط لأنه صديقه..! إزكويل لافيتزي – نابولي صحيح مستواه لم يكن بنفس جودة الموسم قبل الماضي، لكن لافيتزي بالتأكيد كان من الممكن أن يصنع الفارق لفريقه كما أن قدرته ومرونته في اللعب في أكثر من خطة كانت لتخدم الألبيسيلستي بالتأكيد أكثر من مهاجم لا يمكن أن يناسب أي خطة إلا 4/5/1. ليساندرو لوبيز – ليون رغم أن لوبيز ليس بأفضل كثيراً من المميزين الأربعة في التانجو الأرجنتيني في خط الهجوم (تيفيز – أجويرو – هيجواين – ميليتو ) إلا أنه كان من الأفضل أن يضم لوبيز بدلاً من ميليتو طالما قرر مارادونا الإعتماد الأعمى على هيجواين دون التفكير في التراجع.. لا ننسى أن لوبيز تم إختياره أفضل لاعب في الدوري الفرنسي العام الماضي كما يتذكر الجميع ما فعله في دوري أبطال أوروبا خصوصاً أمام ليفربول وريال ومدريد أي أنه قادر على اللعب على أرقى المستويات. على ذكر التراجع، يبدو وأن مارادونا كما خدعته النتائج التي تحققت أمام فرق ليست من الصف الأول فكابر وفتح خطوطه أمام الألمان بدلاً من إعداد العدة بخطة أخرى، خدعت أهداف هيجواين "السهلة" مارادونا، لأن هيجواين مع كامل الإحترام لأهدافه إلا أنني كنت أراه بعيداً تماماً عن مستواه الرائع مع ريال مدريد هذا الموسم.. كنت أحسه ثقيلاً وقليل الحركة جداً، لكن مارادونا لم يفكر في إشراك ميليتو لعله يجد من واحد من أفضل لاعبي دوري الأبطال الموسم الماضي ما يخلق له الإضافة الحقيقية في خط الهجوم بدل من هيجواين الذي أحرز 3 أهداف من الـ4 التي أحرزها في لقاء واحد. برأيي أن الحسنة الوحيدة التي يستحق مارادونا التحية عليها هي إعلانه الرحيل وعدم العناد..! أتفهم أن يقدم مدرب تصفيات مميزة ويفشل في كأس العالم فيقول قائل لربما لم يوفق (كما حدث مع دونجا مثلاً) أو يكون مدرب ذا تاريخ كبير دائماً ولم يوفق لمرة فيشفع له تاريخه التدربي (كما حدث مع كابيلو) لكن مع مارادونا يبقى السؤال .. بعد تصفيات مخجلة وهزيمة تاريخية أمام بوليفيا وتاريخية أخرى أمام ألمانيا لم يتسبب فيها إلا هو .. لماذا يستقبلونه بهذه الحفاوة أو بالأحرى لماذا يطالبون ببقائه ؟ أهان الألبيسيلستي على مشجعيه لدرجة تفضيل مارادونا نفسه عليه وإعتبار أن دور الـ8 نجاح ؟