قصة غدير خم .. - منتديات ArabiaWeather.Com

العودة   منتديات ArabiaWeather.Com > المنتديات العامة (استراحة المنتدى) > المنتدى العام و تعارف الأعضاء > المنتدى الاسلامي

الملاحظات

المنتدى الاسلامي الموسوعة الدينية و يختص بالتعريف بالدين الأسلامي وكل ما يتعلق به

الاخبــــار

 

 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
[ 06-15-2011 ]   رقم المشاركة 1

 

 

الصورة الرمزية mohamadamin

تاريخ التسجيل: Feb 2009

رقم العضوية: 2643

المشاركات: 513

الدولة/المدينة: عمان- مرج الحمام

الارتفاع عن سطح البحر: 900 - 1000 متر

شكراً: 95
تم شكره 194 مرة في 113 مشاركة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، ثم أما بعد :-
تلبية لرغبة أحد الإخوة الأفاضل في كتابة موضوع يتحدث عنحادثة الغدير أو بالأحرى قصة غدير خُم ، والتي يتخذها الرافضة أساساً يعتمدون عليهفي تشيعهم من جهة و في أحقية علي بالخلافة من جهة أخرى ، فأعطوا لهذه الحادثة منالأهمية ما لم يعطوه لغيرها من عصر النبوة ، حيث ألف أحد الروافض وهو عبد الحسينالأميني النجفي كتاباً طبع في أحد عشر مجلداً عن هذه الحادثة باسم
الغدير في الكتاب و السنة و الأدب
، كتبت هذا البحث المصغر .. والله من وراء القصد ..
بداية وقبل أن أبدأ أود أن انبه على شيء مهم وهو أنه الواجبعلينا أن لا نصدق الرافضة في كل ما يقولون و كل ما يثيرون من شبه ، فهم قوم بهت .. قد طمس الله بصيرتهم كما طمس أبصارهم ، يستدلون بالأحداث الصحيحة و بالوقائعالثابتة لكن في غير مواضعها ، و لأغراض كثير يعلمها من عرفهم عن قرب أو حاورهم .. وقصة الغدير هذه هي إحدى الوسائل التي يستغلها الرافضة في الدس والتزييف ، و قداستخدم هؤلاء ، وسائل التالية للترويج لبدعتهم و لتشويه هذا التاريخ ، منها :-
1- الاختلاق و الكذب .
2- اختلاق الزيادة على الحادثة أو النقصان منها بقصد التشويه .
3- التأويل الباطل للأحداث .
4- إبراز المثالب و إخفاء المحاسن .
5- صناعة الأشعار لتأييد حوادث تاريخية .
6- وضع الكتب و الرسائل المزيفة .

7-
وضع الخبر في غير سياقه حتى ينحرف عن معناه و مقصده . و للزيادة في معرفة هذه الوسائل أنظر : منهج كتابة التاريخ الإسلامي محمد بن صامل (ص557) .

غَديرُ خُم هو : موضع بين مكة و المدينة ، و هو واد عند الجحفة بهغدير ، يقع شرق رابغ بما يقرب من (26) كيلاً ، و يسمونه اليوم الغربة ، و خم اسمرجل صباغ نسب إليه الغدير ، والغدير هو : مستنقع من ماء المطر . انظر : معجمالبلدان (2/389) و على طريق الهجرة لعاتق البلادي ( ص 61 ) .
والآن نأتي إلى الأحداث التي سبقت هذه الحادثة ، لنتعرف جذورالقصة ..
أرسل النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب خلف خالد بنالوليد إلى اليمن ليخمّس الغنائم و يقبض الخُمس ، كما قال البخاري ، انظر : الفتح (8/65 ) ، فلما خمّس علي الغنائم ، كانت في الغنائم وصيفة هي أفضل ما في السبي ،فصارت في الخُمس ، ثم إن علياً خرج و رأسه مغطى وقد اغتسل ، فسألوه عن ذلك ،فأخبرهم أن الوصيفة التي كانت في السبي صارت له فتسرى بها ، فكره البعض ذلك منه ،وقدم بريدة بن الحصيب بكتاب خالد إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، و كان ممن يبغضعلياً فصدق على كتاب خالد الذي تضمن ما فعله علي ، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم : يا بريدة أتبغض علياً ؟ فقال : نعم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تبغضهفإنه له في الخُمس أكثر من ذلك . ذكره الإمام أحمد في المسند (5/350 ) قال الهيثميرجاله رجال الصحيح غير عبد الجليل بن عطية و هو ثقة وقد صرح بالسماع وفيه لين . مجمع الزوائد (9/127) ، وقال ابن حجر في تقريب التهذيب عنه : صدوق يهم . ترجمة رقم (3747) و قال ابن حبان في الثقات (8/421) : يعتبر حديثه عند بيان السماع في خبرهإذا رواه عن الثقات ، و كان دونه ثبت . قلت : وهذا منها ، وأخرجه البخاري في الصحيحمختصراً في كتاب المغازي . انظر الفتح (8/66 ) .
فلما كانت حجة الوداع ، رجع علي من اليمن ليدرك الحج مع النبيصلى الله عليه وسلم ، وساق معه الهدي ، ذكر مسلم في صحيحه برقم (1281) ، وقد تعجلعلي ليلقى الرسول صلى الله عليه وسلم بمكة ، واستخلف رجلاً من أصحابه على الجند ،فكسا ذلك الرجل الجند حللاً من البز الذي كان مع علي ، فلما دنا الجيش من مكة خرجعلي ليلقاهم ، فإذا عليهم الحلل ، فقال لنائبه : ويلك ما هذا ؟! قال : كسوت القومليتجملوا به إذا قدموا في الناس ، قال : ويلك ، انزع قبل أن تنتهي بهم إلى الرسولصلى الله عليه وسلم ، فنزع الحلل و ردها إلى البز ، فأظهر الجيش شكواه لما صنع بهمعلي . ذكره ابن هشام في السيرة (4/603) و قال ابن كثير : هذا السياق أقرب من سياقالبيهقي – الدلائل (5/398) - ، رغم أنه قال عن رواية البيهقي : هذا إسناد جيد علىشرط النسائي . انظر : البداية والنهاية (5/95 ) و إسناد ابن هشام هو : قال محمد بنإسحاق و حدثني يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن يزيد بن طلحة بن يزيدبن ركانة ، قال : .. ، و هكذا نقله ابن كثير أيضاً ، والصحيح هو : يزيد بن طلحة عنيزيد بن ركانة . انظر : الجرح و التعديل (9/273 ) .
كما وأن أصحاب علي رضي الله عنه طلبوا منه أن يركبوا و يريحواعلى إبل الصدقة بحجة أن بإبلهم خللاً و ضعفاً ، فأبى عليهم ذلك وقال : ( إنما لكممنها سهم كما للمسلمين ) ، فعندما ذهب إلى الحج سأل أصحابه خليفته ما كان علي منعهمإياه ، فوافق على ذلك ، فلما جاء عل عرف أن الإبل قد ركبت ن فذم خليفته ولامه ، وعد بعض أصحاب علي ذلك منه غلظة وتضييقاً ، فشكاه أبو سعيد الخدري إلى النبي صلىالله عليه وسلم ، فوافق الرسول صلى الله عليه وسلم على هذا المسلك من علي ، فندمأبو سعيد على شكواه ، وقال : ( .. والله لا أذكره بسوء أبداً سراً ولا علانية ) . انظر : البيهقي في الدلائل (5/398-399) مطولاً ، وأحمد في المسند (3/86) مختصراً ،وأورد ابن كثير في البداية (5/120) رواية البيهقي وقال عنها : وهذا إسناد جيد علىشرط النسائي ولم يروه أحد من أصحاب الكتب الستة .
فلما اشتكى الناس علياً قام رسول الله صلى الله عليه وسلمخطيباً فقال : أيها الناس ، لا تشكوا علياً ، فوالله إنه لأخشن في ذات الله – أو فيسبيل الله – من أن يُشتكى . انظر : السيرة النبوية لابن هشام (4/603) ومسند الإمامأحمد (3/86 ) وإسناده حسن .
و قد ذكر أن هذه الخطبة كانت في غدير خُم أثناء عودة النبيصلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة ، و مما قاله النبي صلى الله عليه وسلم فيهذه الخطبة : من كنت مولاه فعلي مولاه . المسند (5/419) و فضائل الصحابة للإمامأحمد (2/572) و إسناده صحيح ، و المعجم الكبير للطبراني (4/173-174) و قال الهيثميفي المجمع (9/104) : رواه أحمد و الطبراني و رجال أحمد ثقات . قلت : فيه حنش بنالحارث بن لقيط النخعي ، قال عنه ابن حجر في التقريب ترجمة رقم (1575) : لا بأس به، وقال الألباني رحمه الله : هذا إسناد جيد رجاله ثقات . انظر : السلسلة الصحيحة (4/340 ) .
و في رواية كما عند مسلم عن زيد بن أرقم قال : قام فينا رسولالله صلى الله عليه وسلم خطيباً بماء يدعى خما ، بين مكة و المدينة . فقال : أمابعد أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب ربي ، و إني تارك فيكمثقلين ، أولهما كتاب الله فيه الهدى و النور ، فخذوا بكتاب الله و استمسكوا به ،فحث على كتاب الله و رغّب فيه ، ثم قال و أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ،قالها ثلاثاً . صحيح مسلم (رقم 6175) .
و في رواية بعد أن حمد الله وأثنى عليه : يا أيها الناس إنهلم يبعث نبي قط إلا عاش نصف ما عاش الذي قبله ، وإني أوشك أن أُدعى فأُجيب ، وإنيتارك فيكم ما لن تضلوا بعده كتاب الله ، ثم قام وأخذ بيد علي رضي الله عنه فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه . المعجم الكبير للطبراني (5/171-172 ) و قال الألبانيرحمه الله : رجاله ثقات . السلسلة الصحيحة (4/335) .
و قد ورد خبر غدير خُم في زيادات عبد الله على مسند الإمامأحمد عن زيد بن أرقم قال : نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بواد يقال لهوادي خم ، فأمر بالصلاة فصلاها بهجير ، قال : فخطبنا و ظُلل لرسول الله صلى اللهعليه وسلم بثوب على شجرة سمرة من الشمس ، فقال : ألستم تعلمون ، ألستم تشهدون إنيأولى بكل مؤمن من نفسه ؟ قالوا : بلى ، قال : فمن كنت مولاه فإن علياً مولاه ،اللهم عاد من عاداه ووال من والاه . المسند (4/372) والمعجم الكبير للطبراني (5/202 ) وقال الهيثمي في المجمع (9/104 ) : و فيه ميمون أبو عبد الله البصري وثقه ابنحبان ، و ضعفه جماعة ، و بقية رجاله ثقات . و قال محقق سير أعلام النبلاء (14/207) إسناده صحيح ، قال ابن حجر في التقريب ترجمة رقم (7051) عن ميمون : ضعيف ، منالرابعة . ورواه الإمام أحمد في فضائل الصحابة (2/563-596) و إسناده صحيح كما قالالمحقق ، وابن ماجة في السنن )1/43) و الحاكم في المستدرك (3/110 ) والترمذي فيالسنن (5/297) و ابن أبي شيبة في المسند كما ذكره ابن حجر في المطالب العالية (4/60 ) وابن أبي عاصم في السنة (2/604-607) و الدولابي في الكنى والأسماء (2/61) والنسائي في الخصائص (ص 72) ، و ابن شيبة في المصنف (12/67-68) و البزار في كشفالأستار (3/190-191) ، ورواه ابن كثير في البداية (5/235) من عدة طرق ، قال فيإحداها : ( تفرد به النسائي من هذا الوجه ، قال شيخنا أبو عبد الله الذهبي : وهذاحديث صحيح ) ، وقال في أخرى (5/235) : من رواية أحمد : و هذا إسناد جيد ورجاله ثقاتعلى شرط السنن . النظر البداية والنهاية (5/234-240 ) عن مناقشة روايات هذا الحديث . وقد جمع طرقه العلامة الألباني رحمه الله في الصحيحة (4/330) .
قلت : وأول الحديث متواتر ، أعني قوله صلى الله عليه وسلم : ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) ، أما قوله : ( اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ) فزيادة قوية الإسناد . انظر : البداية والنهاية (5/514) و قطف الأزهار المتناثرة فيالأحاديث المتواترة للسيوطي ( ص 277) .
و نلاحظ أن خبر غدير خم قد نقله عدد من الرواة الشيعة ، فقدورد من طريق حبة العرني . انظر : الكامل في ضعفاء الرجال (6/2222) و قد رواه عنهسلمة بن كهيل و نقله ابن عقدة من طريق حبة بإسناد ضعيف جداً . انظر : الإصابة فيتمييز الصحابة (1/372) .
و من طريق سليمان بن قرم ، انظر : الكامل في ضعفاء الرجال (3/1106-1107) .
و من طريق سلمة بن كهيل . انظر : فضائل الصحابة (2/613) والكامل في ضعفاء الرجال (6/2222) و المستدرك للحاكم (3/109-110) .
و من طريق علي بن زيد بن جدعان . انظر : مسند الإمام أحمد (4/281) و سنن ابن ماجة (1/43) .
ومن طريق يزيد بن أبي زياد . انظر : مسند الإمام أحمد (1/119) و مسند أبي يعلى (1/428) وتاريخ بغداد (14/236) .
ومن طريق فطر بن خليفة . انظر : مسند الإمام أحمد (4/370) وفضائل الصحابة (2/682) و خصائص علي (ص 113) و الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان (9/42) .
و من طريق جعفر بن سليمان الضبعي . انظر : الجامع الصحيح (5/632) و قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث جعفر بن سليمان ،و انظر المستدرك (3/110 ) .
ومن طريق عبد الرزاق . انظر : مصنف عبد الرزاق (15/225) مختصراً ، و فضال الصحابة (592) لكنه لم ينص على ذكر غدير خم .

والآن نأتيإلى تحليل الأحاديث ..
قلت : لهذه الأحاديث سبب يظهر به معناه ، فقد كان رسول اللهصلى الله عليه وسلم قد أرسل علياً إلى اليمن قبل خروجه من المدينة لحجة الوداع ،وفي سفره هذا حصلت عدة أمور وجد أصحاب علي في أنفسهم عليه ، منها : كان فيما غنمالمسلمون جارية جميلة ، ولما قسم علي الغنيمة وقعت في سهمه ، فتسرى بها ، فأنكرعليه أصحابه .
وأيضاً : أن علياً رضي الله عنه لما أحس بدنو الحج استخلف علىأصحابه رجلاً ، و سبقهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ، و عمد الرجل وكسا كلواحد من أصحابه حلة من الثياب التي كانت مع علي ، و لما دنا الجيش و خرج عليليلقاهم فإذا عليهم حلل ن فانتزعها منهم فأظهر الجيش شكواه .
و أيضاً : أن أصحاب علي رضي الله عنه عندما رأوا أن في إبلهمضعفاً ، طلبوا منه أن يركبوا إبل الصدقة و يريحوا إبلهم ، فأبى ذلك ، و لما ذهب عليللحج أعطاهم ذلك من استخلفه عليهم ، و عندما لقيهم علي ورأى خللاً في إبل الصدقةلامه على فعله هذا .
و بسبب هذه الأمور كثر القيل والقال في علي واشتهر الكلام فيهفي الحجيج و بالأخص بين أهل المدينة ، ولم يرد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يفعلذلك أثناء موسم الحج ، لأن الحادثة رغم انتشارها بقيت محدودة في أهل المدينة ، كماأنه لم يؤخره حتى يصل المدينة حتى لا يُمكن للمنافقين من استغلال مثل هذه الحادثةفي مكائدهم ، و بعد فراغه صلى الله عليه وسلم من الحج ، وأثناء عودته إلى المدينة ،قام في الناس خطيباً فبرأ ساحة علي و رفع من قدره و نبه على فضله و نوه بشأنه ،ليزيل ما وقر في نفوس كثير من الناس و بالأخص من كان معه في اليمن ، وأخذوا عليهبعض الأمور ، بسبب ما جرى له من أصحابه . انظر البداية النهاية (5/104-105 ) . وأضواء على دراسة السيرة صالح الشامي (ص 113-114 ) .
و مما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد من خطبته هذهبيان فضل علي للذين لم يعرفوا فضله ، أنه عندما قام عنده بريدة بن الحصيب يتنقص منعلي – وكان قد رأى من علي جفوة - ، تغير وجه النبي صلى الله عليه وسلم وقال : يابريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم .. الحديث .
وأما ما يستدل به الشيعة بهذه الواقعة على إثبات خلافة عليفقد أجاب عنه الإمام ابن تيمية في منهاج السنة (4/84-85) فقال : ليس في هذا الحديثيقصد حديث الغدير – ما يدل على أنه نص على خلافة علي ، إذ لم يرد به الخلافةأصلاً ، و ليس في اللفظ ما يدل عليه ، ولو كان المراد به الخلافة لوجب أن يبلغ مثلهذا الأمر العظيم بلاغاً بيناً .. الخ .

و لفظ مسلم يدل على أن الذي أمرنابالتمسك به و جعل المتمسك به لا يضل ، هو كتاب الله . و جاء في غير هذا الحديث عنجابر في حجة الوداع لما خطب يوم عرفة و قال : و قد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إناعتصمتم به كتاب الله . صحيح مسلم (رقم 2941) .
وقال الإمام أبو نعيم الأصبهاني في تثبيت الإمامة ( ص 55 ) : هذه فضيلة بينة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ومعناه : من كان النبي صلى اللهعليه وسلم مولاه فعلي ولمؤمنون مواليه ، دليل ذلك قول الله تبارك و تعالى {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض } وقال { والذين كفروا بعضهم أولياء بعض } والولي والموالى في كلام العرب واحد ، والدليل عليه قوله تبارك وتعالى { ذلك بأنالله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم } أي لا ولي لهم وهم بيده و هومولاهم ، وإنما أراد لا ولي لهم ، وقال { فإن الله هو مولاه و جبريل و صالحالمؤمنين } و قال الله { الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور } و قال : { و من يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون } ، وإنما هذهمنقبة من النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه ، وحثعلى محبته و ترغيب فيولايته لما ظهر من ميل المنافقين عليه و بغضهم له . أهـ .
و قال البيهقي في الاعتقاد ( ص 354 ) : وأما حديث الموالاةفليس فيه نص على ولاية علي بعده ، فقد ذكرنا من طريقه في كتاب الفضائل ما دل علىمقصود النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك ، و هو أنه لما بعثه إلى اليمن ، كثرتالشكاة منه ، وأظهروا بغضه ، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يذكر اختصاصه به ومحبته إياه ، و يحثهم بذلك على محبته و موالاته و ترك معاداته ، فقال : ( من كنتوليه فعلي وليه ) و في بعض الروايات ( من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال منوالاه وعاد من عاداه ) والمارد به ولاء الإسلام و مودته ، وعلى المسلمين أن يواليبعضهم بعضاً لا يعادي بعضهم بعضاً ، و هو في معنى ما ثبت عن علي رضي الله عنه أنهقال : ( والذي فلق الحبة و برأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إليأنه لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلى منافق ) . أهـ .
و قال الإمام ابن كثير في البداية و النهاية (7/225) : و أماما يفتريه كثير من جهلة الشيعة و القصاص الأغبياء من أنه أوصى _ يقصد النبي صلىالله عليه وسلم – إلى علي بالخلافة فكذب و بهت و افتراء عظيم ، يلزم منه خطأ كبيرمن تخوين الصحابة و ممالأتهم بعده على ترك تنفيذ وصيته و إيصالها إلى من أوصى إليهو صرفهم إياها إلى غيره لا لمعنى و لا لسبب .
و قد شكك الإمام ابن تيمية في صحة الحديث الذي ورد في خبرغدير خم ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) وأما باقي النص ( اللهم وال من والاه وعاد منعاداه ) فقد كذبه . انظر : مجموع الفتاوى (4/417- 418 ) ، لكنه في رده على الرافضيأشار إلى أن الحديث ليس فيه إشارة إلى الخلافة كما تدعي الشيعة عند احتجاجهم بمثلهذا الحديث . انظر : منهاج السنة (7/319-320) .
و قد جمع الإمام الطبري رحمه الله طرق حديث غدير خم في أربعةأجزاء كما قال الذهبي في تذكرة الحفاظ (2/713) : رأيت شطره فبهرني سعة رواياته ،وجزمت بوقوع ذلك .
و قد كان لتصحيح الإمام الطبري لحديث الغدير الأثر الأكبر فياتهامه بالرفض ، فقد استغل أعداؤه تصحيحه للحديث المذكور فقاموا يقذفونه بالتهممستخدمين سلاح التشهير به والنيل من عقيدته ، يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله فيبيان أسباب اتهامه بالرفض : ( وإنما نبذ بالتشيع لأنه صحح حديث غدير خم ) لسانالميزان (5/100) .
قلت : و الإمام الطبري رحمه الله ليس الوحيد الذي صحح هذاالحديث ، بل إن كثيراً من علماء أهل السنة صححوه كما مر معنا ..
وعلاوة على ذلك فإن الإمام الطبري رحمه الله خالف الشيعة فيالنتائج التي رتبوها على هذا الحديث مخالفة كبيرة تتلخص فيما يلي :-
فالشيعة قد قالوا بأن حديث غدير خم نص على تعيين الرسول صلىالله عليه وسلم لعلي خليفة من بعده ، وأميناً للوحي ، وأخذ البيعة له بإمرةالمؤمنين يوم الغدير . انظر : عقائد الإمامية لعلي رضا المظفر ( ص 60-61 ) .
و ذكروا كذلك أن تعيين علي بن أبي طالب كان من تمام الدين إذلم يتفرق الناس حتى نزل قوله تعالى { اليوم أكملت لكم دينكم } ، و ساقوا على لسانالرسول صلى الله عليه وسلم حديثاً : ( الله أكبر على تمام الدين و رضا الرب برسالتي، و بالولاية لعلي من بعدي ) . انظر : الدر المنثور للسيوطي (2/259) و قال : أخرجهابن مردوية وابن عساكر بسند ضعيف لما نصب رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً – أيخليفة – يوم غدير خم فنادى له بالولاية هبط جبريل عليه بهذه الآية { اليوم أكملتلكم دينكم } . أهـ . وأخرج الخطيب البغدادي قريباً منه في تاريخ بغداد (8/296) ، وفيه مطر الوراق و هو ضعيف . انظر : تقريب التهذيب (2/256) ، وبالإضافة إلى ضعفالأسانيد فإن هذه الروايات تخالف الأحاديث الصحاح التي أثبتت أن الآية { اليومأكملت لكم دينكم } نزلت في حجة الوداع . البخاري (5/285) .
وأما الإمام الطبري فقد خالف الشيعة في النتائج التي رتبوهاعلى هذا الحديث مخالفة جذرية ، فقد أثبت أن أحق الناس بالخلافة بعد النبي صلى اللهعليه وسلم وأولاهم بالإمامة أبو بكر الصديق ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان ثمعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين ، وأن ترتيبهم في الفضل كترتيبهم في الإمامة . انظر صريح السنة للطبري ( ص 24 ) .
و لم يتعرض الإمام الطبري أيضاً لحديث الغدير ولا للإمامة عندتفسيره لآية كمال الدين { اليوم أكملت لكم دينكم } بل خالف الشيعة في تفسير هذهالآية مخالفة كبيرة ، حيث أثبت بسند صحيح أن هذه الآية نزلت في يوم عرفة خلافاًللشيعة الذين زعموا أنها نزلت في غدير خم . انظر : جامع البيان عن تأويل آي القرآنللطبري (4/51 ) .
و خالفهم كذلك في مقصود هذه الآية ، إذ بين أنها نزلت في حجةالوداع لتبين للناس أن الله سبحانه وتعالى أكمل لهم دينهم فإفرادهم بالبلد الحراموإجلاء المشركين . انظر المصدر نفسه (4/52) ، خلافاً للشيعة الذين زعموا أنها نزلتلتبيين للناس أن الدين قد اكتمل بوصية النبي صلى الله عليه وسلم بالإمامة من بعدهلعلي بن أبي طالب .
فعلم أنه لم يكن في غدير خم أمرٌ بشرع نزل إذ ذاك ، لا في حقعلي و لا في حق غيره ، لا بإمامة و لا بغيرها ، و قد بين العلماء المحققون معنى هذاالحديث و معنى الآية ، وأبطلوا دعوى الروافض حولهما ، و من شاء فليراجع مواضعه فيمنهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية و منهاج الاعتدال للذهبي و العواصم منالقواصم لابن العربي .
و ختاماً أتمنى أن أكون قد وفقت في بيان الحق في هذه القضية ..



  رد مع اقتباس
 



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
الانتقال السريع إلى


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 11:48 PM.