قصيدة مالي وللنجم / للشاعر : محمود غنيم
--------------------------------------------------------------------------------
ولد الشاعر محمود غنيم عام 1901م في قرية مليج وهي إحدى قرى محافظة المنوفية، وتفتَّحت عيناه على خضرة الريف وهدوئه ونقائه وقيمه فتأثر بهذه الطبيعة البكر، فكانت بمثابة رافد من روافد الأصالة والانحياز إلى الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وقد نشأ في أسرة يحترف أفرادُها مهنتَي الزراعة والتجارة، وهي من أكثر المِهَن شيوعًا في الريف المصري.
بدأ محمود غنيم حياته التعليمية- شأنه شأن الكثيرين من عمالقة الأدب والفكر المسلمين في القرن العشرين- في الكُتاب، وحفِظ القرآن الكريم، ثم نهل من علوم العربية والعلوم الشرعية، وبعد مرحلة الكتَّاب التحق وهو ابن الثالثة عشرة بالمعهد الأحمدي الأزهري بطنطا، وظل به أربع سنوات، ثم التحق بمدرسة القضاء الشرعي، وقد ظل فيها أعوامًا ثلاثة، وقبل أن يحصل على شهادتها تم إلغاء دراسته بها، لكنَّه لم يقف عند هذا الحد، فالتحق بأحد المعاهد الدينية ونال منه الشهادة الثانوية، وبعد ذلك التحق بمدرسة دار العلوم، وكان ذلك عام 1925م، وتخرَّج فيها عام 1929م.
بدأ محمود غنيم رحلته مع الشعر منذ صباه المبكر، واشتدَّ عوده في فن الشعر حتى استوى على سوقه وتبارت المجلات المختلفة في نشر أشعاره ومن هذه المجلات والجرائد ما هو داخل القطر المصري ومنها ما هو خارجه، فمن المجلات والجرائد داخل مصر: السياسة الأسبوعية، والبلاغ الأسبوعي، والرسالة، والثقافة، والأهرام، والمصري، وأبوللو، ودار العلوم...، ومن المجلات خارج القطر المصري: مجلة الحج السعودية، والعُصبة الأندلسية، وكانت تصدُر في البرازيل.
وله من الدواوين الشعرية
' صرخة في واد ' 1947م مطبعة الاعتماد ونشرته لجنة البيان العربي ، نال عليه الجائزة الأولى من المجمع اللغوي 1948م .
' في ظلال الثورة' 1962م طبعة دار المعارف بالقاهرة ، نال عليه جائزة الدولة 1963م .
' رجع الصدى ' طبع بعد وفاته 1986م - طبعة دار الشعب .
' الأعمال الكاملة ' المجلد الأول ويضم جميع هذه الدواوين ، طبعة دار الغد بمعرفة أبنائه بإشراف رابطة الأدب الحديث .
وله مؤلفات أيضاً في : المسرحيات الشعرية ، الدراسات الأدبية والنقدية ، تحقيق التراث
أما قصيدة التي بلغت الآفاق شهرة وانتشاراً فهي قصيدة : مالي وللنجم ..
مالـي وللنجـم يرعانـي وأرعـاه
أمسى كلانا تعاف الغمـض جفنـاه
لـي فيـك ياليـل آهـات أرددهـا
أواه لـو أجـدت المـحـزون أواه
لا تحسبني محبـاً يشتكـي وصبـاً
أهون بما في سبيـل الحـب ألقـاه
أنـي تذكـرت والذكـرى مؤرقـة
مجـداً تليـدا بأيديـنـا أضعـنـاه
ويح العروبة كان الكـون مسرحهـا
فأصبحـت تتـوارى فـي زوايـاه
أنـى اتجهـت للإسـلام فـي بلـد
تجده كالطيـر مقصوصـاً جناحـاه
كـم صرفتنـا يـد كنـا نصرفهـا
وبـات يحكمنـا شعـبـاً ملكـنـاه
هل تطلبون مـن المختـار معجـزة
يكفيه شعب مـن الأجـداث أحيـاه
من وحد العرب حتى صار واترهـم
إذا رأى ولـد المـوتـور أخــاه
وكيف ساس رعـاة الشـاة مملكـة
ماساسها قيصر من قبـل أو شـاه
ورحب الناس بالإسـلام حيـن رأوا
أن الإخـاء وأن الـعـدل مـغـزاه
يا من رأى عمـر تكسـوه بردتـه
والزيـت أدم لـه والكـوخ مـأواه
يهتز كسرى علـى كرسيـه فرقـاً
من بأسه وملـوك الـروم تخشـاه
هـي الحنيفـة عيـن الله تكلؤهـا
فكلمـا حاولـوا تشويههـا شاهـوا
سـل المعالـي عنـا إننـا عـرب
شعارنـا المجـد يهوانـا ونهـواه
هي العروبة لفـظ إن نطقـت بـه
فالشرق والضـاد والإسـلام معنـاه
استـرشـد المـاضـي فـأرشـده
ونحن كـان لنـا مضـي نسينـاه
إنا مشينا وراء الغرب نقتبس مـن
ضيـائـه فأصابتـنـا شـظـايـاه
بالله سل خلف بحر الروم عن عرب
بالأمس كانوا هنـا مابالهـم تاهـوا
فأن تراءت لك الحمراء عـن كثـب
فسائل الصرح أين المجـد والجـاه
وانزل دمشق وخاطب صخر مسجدها
عمـن بنـاه لعـل الصخـر ينعـاه
وطف ببغداد وابحث فـي مقابرهـا
عل امرءاً من بني العبـاس تلقـاه
أين الرشيد وقد طـاف الغمـام بـه
فحيـن جــاوز بـغـداد تـحـداه
هذي معالـم خـرس كـل واحـدة
منهن قامـت خطيبـاً فاغـراً فـاه
الله يشهـد ماقلـبـت سيرتـهـم
يوماً وأخطـأ دمـع العيـن مجـراه
ماضٍ نعيش علـى أنقاضـه أممـاً
ونستمد القوى مـن وحـي ذكـراه
لا دُردر امـرئ يطـري أوائـلـه
فخراً، ويطرق إن ساءلته ماهـو ؟
أنـي لأعتبـر الإسـلام جامـعـة
للشرق لا محـض ديـن سنـه الله
أرواحنـا تتلاقـى فـيـه خافـقـة
كالنحـل إذ يتلاقـى فـي خـلايـاه
دستوره الوحي والمختـار عاهلـه
والمسلمـون وأن شتـوا رعايـاه
لا هم قد أصبحـت أهواؤنـا شيعـاً
فامنن علينا بـراع أنـت ترضـاه
راع يعيـد إلـى الإسـلام سيرتـه
يرعـى بنيـه وعيـن الله ترعـاه
محمود غنيم