"التوحيد أن ترى أن الله وحده هو المتصرف بالكون، التوحيد أن ترى أنه لا معطي إلا الله، ولا مانع إلا الله، ولا رافع إلا الله، ولا خافض إلا الله، ولا معز إلا الله، ولا مذل إلا الله. التوحيد أن ترى أنه مستحيل وألف ألف ألف مستحيل أن تطيعه وتخسر، والتوحيد أن ترى أنه مستحيل وألف ألف ألف مستحيل أن تعصيه وتربح.
التوحيد حينما لا تخشى إلا الله، ولا ترجو غير الله، ولا تتوكل إلا على الله، ولا تعتمد إلا عليه، ولا تعلق الآمال إلا على فضله، وهذا التوحيد نهاية العلم، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد، حياة الموحد يصعب تصورها، عنده راحة نفسية، علاقته مع جهة واحدة، بينما علاقات الناس مع جهات كثيرة إن أغضب زيداً يرضى عبيد، وإن أغضب عبيداً يرضى زيد، وهو موزع، مشرذم، مبعثر بين إرضاء كل الناس، الموحد يرضي الله وحده، الموحد يعلق الأمل على الله وحده.
أقسم لكم بالله الموحد يعيش حياة تفوق حدّ الخيال، قد يكون فقيراً، قد يكون بيته صغيراً، قد يكون دخله محدوداً لكنه راض عن الله، لكنه يرى أن الحياة الدنيا زائلة، وأن الآخرة هي دار القرار.
أنا لا أصدق أن موحداً يخضع لغير الله، لا أصدق أن موحداً ييأس، لا أصدق أن موحداً يتشاءم، مع الإيمان بالله ليس هناك تشاؤم، ليس هناك يئس، ليس هناك تضعضع.
التوحيد أن تتعظ بالمصيبة، وأن ترى هذه المصيبة رسالة من الله، التوحيد أن ترى أن لكل واقع حكمة ولو كان الموقع مجرماً.
التوحيد قول أبي بكر -رضي الله عنه-: "من كان يعبد محمداً، فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت".
لن تقطف ثمار الدين إلا بالتوحيد، لن تشعر بقوة إلا بالتوحيد، لن تكون شجاعاً إلا بالتوحيد، لن تكون عزيزاً إلا بالتوحيد، لن تذوق طعم الإيمان إلا بالتوحيد، التوحيد أن تعامل الله وحده، التوحيد أن تعتمد عليه وحده، التوحيد أن ترجوه وحده."