شح الأمطار الأشد منذ 12 عاماً ولا منخفضات خلال 7 أيام
عمان - طارق الحميدي- انقضى شهر تشرين الثاني دون أن نعرف في أيامه بردا أو مطرا على غير عادته, انقضى كأنه شهر صيفي ارتفعت معه درجات الحرارة إلى أعلى من معدلها السنوي بأكثر من 4 درجات خلال معظم أيامه.
دق الانحباس المطري الذي ضرب المملكة ناقوس الخطر خاصة وأن الكثير من الزراعات أصبحت مهددة بشكل حقيقي وهو ما يفرض علينا الآن التعامل مع مياه الأمطار بشكل أكثر حرصا من أجل التكيف مع الوضع الحالي.
وأعلنت دائرة الأرصاد الجوية أن هذا الانحباس المطري هو الأشد منذ (12) عاما كما أن الخرائط الجوية لا تبين وجود أي منخفض خلال الأيام السبعة القادمة على الأقل.
ولم تتأثر المملكة منذ بداية الفصل الماطر وحتى الآن بأي منخفض جوي على الرغم أن أرقام دائرة الأرصاد الجوية تؤكد أن نسبة الهطول حتى نهاية شهر تشرين الثاني تبلغ من (10-14%) من نسبة الهطول الكلي للموسم المطري.
ويرجع كثير من الخبراء هذا الانحباس المطري إلى التغيرات المناخية التي أثرت على كميات الهطول وأوقاتها ونسبها بسبب تأثيرها أصلا على درجات الحرارة.
كما يعطي هذا الانحباس المطري مؤشرا على مدى تأثر الأردن بالتغيرات المناخية والتي تعتبر من أكثر الدول تأثرا حيث تقع الأردن في المرتبة الثالثة في الدول الأشد فقرا في الموارد المائية.
ولم يشعر المواطنون حتى الآن بدخول فصل الشتاء حيث ما تزال درجات الحرارة مرتفعة عن معدلها السنوي في مثل هذا الوقت إضافة إلى أن الأجواء مشمسة ومعتدلة في أغلب أيام الشهر.
ويرى علماء وخبراء في البيئة أن هذا الانحباس المطري الذي بدأ يزداد عاما بعد عام هو الدليل القاطع على حقيقة التغيرات المناخية مؤكدين أنه لم يعد هناك مجال للشك في وجودها.
ومن جانبه قال مدير عام دائرة الأرصاد الجوية عبد الحليم أبو هزيم أن هذا الانحباس غير طبيعي خاصة مع وجود هذه المرتفعات الجوية إلا أنه أشار إلى أن هناك حالات مماثلة شهدتها السنين الماضية. وبين أن الأردن شهد انحباسا قبل أكثر من 12 عاما في شتاء عام 1998 وهو ما يتكرر العام الحالي.
وبين أن هذا الانحباس ناتج عن مرتفع جوي يسيطر على منطقة البحر الأبيض المتوسط مؤكدا أن هذا المرتفع يمنع المنخفضات الجوية في منطقتنا.
وأكد أن المنطقة ستبقى تحت تأثيرات المرتفعات الجوية حتى انتهاء المرتفع الذي يؤثر على البحر الأبيض المتوسط.
إلا أن أبو هزيم وبشيء من التفاؤل قال أن الموسم المطري لم ينته بعد وأن هناك فرصة للتعويض خاصة في الأشهر القادمة شهور (كانون الأول والثاني وشباط).
واستدل على أن هناك عددا من المواسم المطرية التي شهدت هطولا كثيفا في شهري كانون الثاني وشباط.
وبين أن ما يميز الوضع الحالي هو عدم تأثر المملكة بأي منخفض جوي حتى الآن وأن كل ما يحدث هو حالات خفيفة من عدم الاستقرار الجوي كما أنه بين أن الخرائط تظهر وجود مرتفعات خلال الأيام السبعة القادمة.
ويؤكد كبار السن أن الشتاء كان مختلفا في تلك الأيام وأن الأمطار كانت تتوزع على طول أيام الموسم المطري.
الحاجة السبعينية فوزية الرواشده من سكان عمان قديما تشبه الأيام الحالية بشهر الصيف قبل أكثر من 50 عاما وتقول «لقد كان الشتاء شتاء في تلك الأوقات».
وأضافت الحاجة أن فصل الشتاء كان في تلك الأوقات ممطرا وباردا ولم يكن يشهد حالات ارتفاع لدرجات الحرارة مثل هذا الوقت.
ومن جانبه قال المدير التنفيذي لجمعية البيئة الأردنية المهندس أحمد الكوفحي أن التغيرات المناخية أصبحت أمرا واقعا وتسببت بشح الأمطار الذي أثر على العالم بأسره.
وأشار الكوفحي إلى أن هذه التغيرات المناخية وشح الأمطار تفرض علينا إعادة النظر في قضية الزراعة والاتجاه نحو الزراعة المستدامة.
وأضاف الكوفحي أن الأردن تصدر المياه من خلال زراعة الأصناف التي تستهل مياها كبيرة مثل البطيخ والموز مشيرا إلى ضرورة إعادة النظر بهذه الأصناف, مشيرا إلى أن استيراد هذه الأصناف أوفر من زراعتها.
وحملت أستاذه هندسة البيئة في الجامعة الألمانية الدكتورة منى البنا الإنسان مسؤولية الانحباس المطري والتغير المناخي قائلة» لم يحترم الإنسان بيئته وأسهم في تلوثها بكافة الأشكال وهذه هي النتائج».
وقالت أن طبقات الجو العليا متخمة الآن بكل الغازات السامة التي صدرناها من صناعاتنا وسياراتنا وبالتأكيد سيكون هناك ارتفاع في درجات الحرارة.
وقالت» شح الأمطار هذا رسالة للجميع بأن التغير المناخي أصبح اليوم تأثيره جديا أكثر من ذي قبل» مبينة أن الحل على مستوى الأردن هو في العودة إلى إعادة استخدام المياه والحصاد المائي وإعادة تدويرها مرة أخرى.
وقالت أن من أشكال التغيرات المناخية هو تغير شكل المنخفضات وظهور ما يسمى « الظواهر المتطرفة» التي تتمثل في استمرار الجفاف والانحباس مدة أسابيع ومن ثم تعويض الموسم ونسبة الهطول التي من المفترض أن تتوزع على أسابيع في منخفض واحد.
وأشارت أن للمارسات دورا كبيرا في محاربة البيئة خاصة وأن العالم كله يتشارك في حماية البيئة وأن التأثيرات أصبحت عالميه.
كما أكدت أن الحل في إعادة استخدام المياه وتدويرها واستخدام تقنيات الحصاد المائي والتقليل في استهلاك المياه قدر المستطاع مبينة أن استهلاك الفرد في الأردن من المياه يبلغ 120-150 مترا مكعبا بينما يبلغ في كثير من دول العالم 1000 متر مؤكدة أن أرقام الأمم المتحدة تشير إلى أن استهلاك الفرد من المياه سينخفض عام 2015 إلى 80 مترا مكعبا.
ومن جانبه قال مدير عام اتحاد المزارعين المهندس محمود العوران أن مربي المواشي من أكبر المتضررين جراء هذا الانحباس المطري الذي يطال المملكة حاليا.
وقال العوران أن العديد من مربي المواشي لم يعد بمقدوره الاستمرار في شراء الأعلاف الجافة خاصة مع اختفاء الغطاء النباتي تماما مع الجفاف وهو ما ينذر بارتفاع أسعار اللحوم.
وأضاف العوران أن العديد من المزارعين ومربي المواشي في المناطق الشرقيه والجنوبية يطالبون باعتبار مناطقهم مناطق جافة بسبب عدم مقدرتهم على شراء الأعلاف أو عدم توفر المياه المطلوبة لري المحاصيل.
وطالب العوران بدعم المزارعين خاصة مربي الثروة الحيواني من أجل مساعدتهم على مقاومة هذه الظروف التي يعيشونها حاليا.
وأشار أن ارتفاع الحرارة في هذا الوقت من العام إضافة لانحباس المطر يؤدي إلى جفاف التربة بشكل كبير وتكاثر الحشرات.
وأشار إلى أن هناك دورا على الجهات البحثية والأكاديمية من خلال دراسة انخفاض معدل الهطول سنويا كما طالب الحكومة بالعودة لأسلوب الحصاد المائي حيث هطل خلال العام الماضي قرابة