خطر تعاطي الدخان
--------------------------------------------------------------------------------
خطر تعاطي الدخان
{وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ} (14) سورة النساء
فكم هي الأبوابُ والستورُ التي هتكَهَا ودَخَلَها كثيرٌ من المسلمين ، وهي مؤديةٌ إلى عذابِ جهنمَ والعياذُ بالله تعالى ، وكم هو الحرامُ الذي يُمارسُهُ بعضُ ضِعافِ النفوسِ من المسلمين ، بلا تأنٍ ولا هَوادةِ ، ولا خوفٍ من الله وعقابِهِ ، غيرَ آبهينَ بما أعدَّ اللهُ لمن عصاه وخالفَ أوامرَهُ ، وانتهكَ نواهيَهُ ، فقد قال سبحانه وتعالى : {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا} (36) سورة الأحزاب
{إِلَّا بَلَاغًا مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} (23) سورة الجن
ومن أعظمِ ذلكَ وأخطرِهِ ، تعاطي الدخان ، واستعمالُهُ بيعاً وشراءً ، واستخداماً ، كم هي الأمراضُ الفتاكةُ التي فَتَكَتْ بالكثيرِ منهم بسببِ تعاطي الدخان ، وكم هي الأسرُ التي يُتمَ أطفالُها ، ورُمِلَ نساؤُها ، بسببِ تعاطي الدخان ، تلك العادةُ المستوردةُ من بلادِ الإفرنج ، بل من بلاد الكفار أعداءِ الله ، وأعداءِ الإسلام ، وكم هي المخططات الصهيونية ، التي خطط لها الأعداءُ ، فَوقَعَ في شباكِها الكثيرُ من المسلمين ، فلقد ابتلي الكثيرُ منهم بشربِ الدخانِ ، وتعاطيهِ دونَ خوفٍ ولا حياءٍ من الله تعالى ، مع أن الآياتِ تُتلى عليهم ليلاً ونهاراً ، والأحاديثُ النبويةُ الشريفةُ تُلقى عليهم جهاراً ونهاراً ، ولكنْ عَمِيَت القلوبُ عن اتباع كلامِ الله ، والتمسكِ بسنةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، ، لا يعرف معروفاً ، ولا ينكر منكراً ، نعوذ بالله من الخذلان ، ومن الانتكاسةِ بعدَ الاستقامة .
الدخان معصية لله ولرسوله قال تعالى :{ ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين } [ النساء 14 ] . وقال جل وعلا : { ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبداً * حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعفُ ناصراً وأقلُّ عدداً } [ الجن 23 ] . وقال تعالى : { ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً } [ النساء 29 ] ، وقوله تعالى :
{ ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } [ البقرة 195 ] .
ففي الدخانِ قتلٌ للنفس ، وتدميرٌ لها وإزهاقٌ لها ، وإلقاءٌ بها إلى التهلكة ، وقد أجمع العلماء قاطبةًً والأطباءُ جميعاً على تحريمِهِ وضرره . وقد يسألُ سائلٌ فيقولُ : ما ذُكِرَ الدخانُ في القرآن فكيفَ تقولون إنه حرام ؟ الجواب : نقولُ له : وهل ذُكر الرز واللحم ، والبرتقالُ والموز والعصيراتُ بأنواعِها وغيرِها من الطيباتِ هل ذُُكِرَت في القرآن ؟ وأعتقد أنَّهُ سيقولُ : إنَّ هذه الأشياءَ من مأكولاتٍ ومشروباتٍ مباحةٌ لما فيها من الفائدةِ أو لأنَّها لا تَضُرُ أصلاً ، فنقولُ : وهل في الدخان من فائدة ؟ إن كان فيه أدنى فائدةٍ فاذكرها لنا ؟ ومن الطبيعي أنه إن كان يُريدُ المجادلةَ من أجلِ أنْ يَتيقنَ بتحريمِ الدخانِ فسيُجيبُ أنَّ الدخانَ لا فائدةَ منه بل كُلُهُ مضارٌ إذاً هو حرام ، فلماذا نكابر ونعاند . فما أجمل أن نتبع الحق ، لأن الحق أحق أن يتبع .
وإن قيل : إن الدخانَ مكروهٌ ، فهو عند الله مكروهٌ وصاحبُهُ ومتعاطيه وشاربُهُ وبائعُهُ ومُوزعُهُ مكروهٌ عند الله تعالى ، لأن الله تعالى إذا حَرَّمَ شيئاً حرَّمَ ثَمَنَهُ ، وإنْ كََرِهَك الله تعالى لفعلك ما يغضبُه سبحانه ويَكرهُهُ فمن يُحبُك ؟ هذه مصيبةٌ عظيمةٌ ، وأمرٌ خطيرٌ ، أن يتساهلَ الإنسانُ بالأوامرِ والزواجرِ التي جاء بها الكتابُ العزيزُ ، والسنةُ المطهرةُ . فالتدخين من وسائل الإعتداءِ على جسدِ الإنسانِ بإتفاقِ الأطباءِ وهو من العاداتِ التي انتشرت في المجتمع رَغمَ ضَررشها البالغِ عليه وعلى من حولَهُ ، والعادةُ تتغيرُ ، فكما انَّ الإنسانَ بدأَ التدخينَ من لا شيءَ فَسَهلٌ أنْ يَعُودَ كما كان عليه .
أضرار التدخين : **************
للتدخين أضرار كثيرةٌ جداً لعلنا نتطرقُ إلى جزءٍ منها فقطُ للفائدةِ والعظةِ والعبرةِ لمن كان لديه قلبٌ أو ألقى السمعَ وهو شهيدٌ ومن هذه الأضرار :
أولاً : الأضرار الصحية : **************
1- السمومُ التي فيه تسببُ تخريشاً في الجلد ، وبعضُها يسببُ البصاقَ والسعالَ ، وظهورَ اللونِ الأصفرِ عند المدخن ، وقد أجريت تجاربُ للتخلصِ من هذه السمومِ ولكنَّها باءَت بالفشل ، وبعضُ هذه السمومِ تَفتَكُ بالأغشيةِ الرقيقةِ الملتفةِ حولَ الأوتارِ الصوتيةِ فيُسببُ ذلك البحةَ عند المدخن .
2- يسبب التدخينُ ضيقاً في التنفس بسبب خراب الأكياس الهوائية في الرئتين ، ويسببُ آلامَ الحلق .
3- يُضعفُ حاسة الشمِ والذوقِ والنظرِ والقدرةِ على تمييزِ الألوان
4- يزيدُ من عددِ نبضاتِ القلب فينتجُ عن ذلك السكتةُ القلبيةُ ، ولاشك أن ذلك من سوءِ الخاتمةِ أعاذنا الله وإياكم منها .
5- تتكدسُ السمومُ في الكبدِ ، فيشعرُ المدخنُ بالتعب والإرهاقِ لأي مجهود ، لأن الكبدَ لا تستطيع حجزَ السمومِ بهذه الكثرة .
6- يسببُ التدخينُ ارتفاعاً في ضغطِ الدمِ وتصلبِ الشرايين الذي يُؤدي إلى موتِ الفجأة ، وهذا أيضاً من سوء الخاتمة ، نسأل الله أن يقينا هذه الشرور.
7- التدخينُ من الأسباب الرئيسةِ لامراض السرطانِ أي سرطانِ الرئة ، وقد أجرى أحدُ الباحثين تجربةً ، حيثُ أحضرَ عدداً من الفئرانِ ووَضَعَ على جلدِها مَحلولَ دخانِ السيجارةِ فظهر بعد خمسة عشر يوماً ورمُ السرطان . واعلم أنَّ سرطانَ الرئةِ يَندُرُ بينَ غيرِ المدخنين . وقد مات بهذا المرض مئاتُ الآلفِ فاعتبروا يا أولي الأبصار .
8 – كثرةُ السعالِ عند المدخنين .
9 - توقفُ نُموِ الجسم .
10 – التدخينُ مُفترٌ للأعصابِ والمخِ ، لأنه يُحدثُ انتعاشاً وقتيأً ، فما يلبثُ أن يزولَ ويشعرَ صاحبُهُ بالخمولِ والكسل والفترة .{ ألا إنَّ كلَّ مُسكِرٍ حرامٌ وكلَّ مُفَتِّرٍ وكُلَّ مُخدرٍ حرامٌ وما أسكر كثيرُهُ فقليلُهُ حرامٌ}أخرجه محمد شمس الحق العظيم آبادي أبو الطيب
{ونَهَى عن كُلِّ مُفْتِرٍ وهو الذي يُفَتِّر الجَسَدَ إِذا شُرِبَ} غريب الحديث لابن الجوزي
11 – المدخن لا يستطيع القيام بأي نشاط رياضي ، وإن قام به فهو مهزوز .
ثانياً : الأضرار النفسية : **************
1 – هبوطُ مستوى الذكاءِ عند المدخنين ، وهذه حالةٌ ملموسةٌ عند الكثير من المدخنين .
2 – حُبُّ التسلطِ عند المدخن ، فتجده كثيرَ المشاكلِ والقلاقل .
3 – المدخنُ عصبيُ المزاج ، وكثيرُ القلقِ والشرودِ الذهني .
4 – ملامحُ شخصيةِ المدخن غيرُ متميزةٍ بل متذبذبةٍ ، فهو كالإمعة .
ثالثاً: الأضرار الاجتماعية والاقتصادية : **********
1 – صرفُ مبالغَ ماليةٍ طائلةٍ على الدخان ، و والله لسوف يسأل المدخن عن هذا المال من أين اكتسبه ؟ و فيما أنفقه ؟ فأعدَّ أيُها المدخنُ للسؤالِ جواباً ؟ وللجواب صواباً ؟ ولن تستطيعَ ذلك ،الاّ إذا تُبتَ إلى الله تعالى وأقلعت عن التدخين . فعن أبي برزة الأسلمي رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه، وعن علمه ماذا عمل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيما أبلاه). رواه الطبراني المعجم الصغيرو أخرجه الترمذي.
إنَّ شركةً واحدةً لبيع الدخان تربح من مبيعاتـها للعالم واحداً وثمانين مليوناً من الدولارات يومياً , يعود منها لعدونا الصهيوني تسعةُ ملايين دولار يومياً.
التدخينُ تبذيرٌ والمبذرون إخوانُ الشياطين، قال اللهُ تعالى: وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا(26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا(27) الإسراء. ويقول النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم: { إن الله تعالى كره لكم ثلاثا قيل وقال وإضاعة المال وكثرةَ السؤالِ} متفق عليه.
التدخين إسراف والله لا يحب المسرفين، قال الله تعالى: ( وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) الأنعام:141.
أنه من باب المجاهرة بالمعصية: ويقول النبي صلى الله عليه وسلم " كل أمتي معافى إلا المجاهرون "
أن المدخن يتشبّه بغير المسلمين: " ليس منا من تشبه بغيرنا، لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى فإن تسليم اليهود الإشارة بالأصابع وتسليم النصارى الإشارة بالأكف" الترمذي.
2 – يُسببُ التدخينُ كثيراً من الحرائق ، وذلك بسبب إلقاءِ بقايا السجائر ، وأعقابِ الكبريتِ التي تستعمل في إشعال السيجارة .
3 – رائحتُهُ تُؤذي الناسَ الذين لا يستعملونه وتضايقُهم . ومعلومٌ أن أذيةَ المسلمِ حرامٌ ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من آذى مسلماً فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله " . [ رواه أحمد الطبري ] ، فهل تُبلغُ أنْ تُؤذيَ ربَكَ سبحانه وتعالى الذي بيده ملكوتُ كلِ شيءٍ وهو الواحدُ القهارُ . فعُدْ إلى ربِكَ وارجع إليه وأعقد العزمَ على التوبة النصوح التي تمحو بها ما سلف من الذنوب والمعاصي .
رابعاً : الأضرار الدينية :**************
1 – يثقل عن العبادة . المدخن يؤذي الملائكة. (إنَّ الملائكةَ تتأذى ممَّا يتأذى منه الناس ) متفق عليه.
المدخن يُضرُ المؤمنين ويكونُ سبباً في مرضِهم وملعونٌ من يفعل ذلك: "ملعونٌ من ضارَّ مؤمناً أو مَكَرَ بِهِ" الترمذي.
المدخنُ يُؤذي المسلمين في هوائِهم وطريقِهم: " من آذى المسلمين في طرقهم وجبت عليه لعنتُهم" الطبراني.
2 – يُبعدُ العبدَ عن فعلِ المأمورات ، ويَحُثُهُ ويُجرئُهُ على ارتكابِ المنهياتِ .
3 – يدعو إلى مخالطة الأراذل من الناس .
4 – يُزهدُ في مجالسَةِ الأخيار .
5 – يكونُ العبدُ مألفاً للأشرار ، مبتعداً عن الأخيار .
6 – يتصفُ صاحبُهُ بالصفات القبيحة .
7 – عنوانٌ على سقوطِ الأخلاق .
أقبل على ربك بقلبٍ خاشعٍ مُنيبٍ ، لعلَّهُ سبحانه أنْ يقبلَك مع التائبين .
كانت تلك جملاً من بعض أضرار التدخين ، نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يعين المدخنين على ترك هذه العادة المحرمة الدخيلة على بلاد المسلمين .
فإذا اقتنعت بأضرار التدخين السابقة فإليك أقوال العلماء في الدخان :
أقوال العلماء في التدخين :
يقول سماحة الشيخ العلامة بن باز رحمه الله تعالى : (( والدخان لا يجوز شربه ولا بيعه ولا التجارة فيه كالخمر ، والواجب على من يشربه أو يتجر فيه البدار بالتوبة والإنابة إلى الله سبحانه وتعالى والندم على ما مضى والعزم على أن لا يعود إلى ذلك )) .
ويقول الشيخ بن عثيمين حفظه الله تعالى : (( فنصيحتي لإخواني المسلمين الذين ابتلوا بشرب الدخان أن يستعينوا بالله عز وجل ويعقدوا العزم على تركه ، وفي العزيمة الصادقة مع الإستعانه بالله ورجاء ثوابه ، والهرب من عقابه ففي ذلك كله معونة على الإقلاع عنه )) .
ويقول الدكتور يوسف القرضاوي : (( وما دام قد ثبت أن الدخان يضر بمتناوله فهو حرام وخاصة إذا قرر ذلك طبيب مختص )) .
ويقول الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله مفتي الديار السعودية : (( وقد سئلت عن حكم التنباك الذي أولع بشربه كثير من الجهال والسفهاء مما يعلم كل تحريمنا إياه نحن ومشائخنا ومشائخ مشائخنا ومشائخهم وكافة المحققين من أئمة الدعوة النجدية . . . وتحريمه بالنقل الصحيح والعقل الصريح وكلام الأطباء والمعتبرين )) وقال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله : (( أما الدخان شربه والاتجار به والإعانة على ذلك فهو حرام لا يحل لمسلم تعاطيه شرباً واستعمالاً واتجاراً وعلى من كان يتعاطاه أن يتوب إلى الله توبة نصوحاً . كما يجب عليه أن يتوب من جميع الذنوب )) .
أقوال الأطباء في التدخين :
وأما أقوال الأطباء فإليكها متتابعة :
يقول الدكتور الألماني هربرت ويلسن : (( وقد وجد الأطباء الثلاثة ( أرب ، وميز ، وبرجر في التجارب التي أجروها على المدخنين أن التدخين يسبب تقلص الأوعية الدموية في الأطراف ، وفوق ذلك وجدوا أن تدخين سيجارة واحدة أو سيجارتين كاف لأن يخفض حرارة الجلد في أطراف الأصابع .
ويقول الدكتور سيربار كلي وهو علم بين جراحي إنجلترا المعروفين : (( إن للتدخين اليد الطولى في إحداث قروح المعدة فهو يؤثر في غدد المعدة تأثيراً بليغاً ويزيد إفرازها للعصارة التي تحتوي على حامض ( الهيدروكلوريك ) وهذه الزيادة لا تدعو إلى تقرح المعدة فقط بل تمنع شفاءها في حالة حدوثها )) .
ويمتنع كثير من الأطباء في العالم عن معالجة أية حالة من حالات القروح المعوية والمعدية إلا إذا امتنع المصاب بها عن التدخين .
ويقول الدكتور كنعان الجابي : (( لقد مضى على معالجتي للسرطان 25 عاماً فلم يأتني مصاباً بسرطان الحنجرة إلا مدخن )) .
وقال بعض الأطباء المعتبرين : (( أنه لا يشرب الدخان إنسان سليم العقل ، بل كل من يشربه فإنه مصاب بعقله بشعبة من الجنون ، لأنه لو كان قويم العقل لم يدخل دخانا في جوفه ، فإنه يعمل في جوفه كما يؤثر الدخان في جدران المنزل الذي تشب فيه النار )) .
وجاء في تقرير الكلية الملكية للأطباء بلندن : (( أن تدخين السجائر في العصر الحديث يسبب من الوفيات ما كانت تسببه أشد الأوبئة خطراً في العصور السابقة . . . وجاء في التقرير أيضاً : أن 95% من مرضى شرايين الساقين هم من المدخنين )) .
وجاء في تقرير لأحد مراكز البحوث الأمريكية : (( أن التدخين يؤدي إلى أعلى نسبة وفيات في العالم بالمقارنة بالحروب والمجاعات )) .
ومن محاسن الإسلام ومما جاء به من تيسير على الناس أنه ما حرم شيئاً عليهم إلا عوضهم خيراً منه مما يسد مسده ويغني عنه :
فحرم الإسلام الاستقسام بالأزلام وعوضهم عنه القرعة ودعاء الاستخارة.
وحرم القمار وعوضهم عنه أكل المال بالمسابقة النافعة في الدين بالخيل والإبل والسهام ، وحرم عليهم الحرير وعوضهم عنه بالملابس الفاخرة من الصوف والقطن والكتان ، وحرم عليهم الزنا واللواط وعوضهم عنه الزواج الحلال .
وحرم عليهم الخمر والدخان والمسكرات وعوضهم عنها بالأشربة اللذيذة النافعة الحلال .
وحرم عليهم الخبائث من المطعومات وعوضهم عنها بالمطاعم الطيبات ، وهكذا فالله جل شأنه يسر الدين للناس ، حتى يكونوا على بصيرة وعلم ومعرفة بالحلال والحرام والمتشابه .
وبعد عرض مختصر لأقوال بعض العلماء والأطباء في حكم الدخان وأضراره ، لا يليق بإنسان بمنصف عاقل ، أن يتردد في تحريمه والمنع منه وتركه نهائياً ، اللهم إلا مكابر معاند عاص لربه سبحانه ، لا يعدل عند الله جناح بعوضه .
أيها المسلم ! إياك والتردد في ترك الدخان ، وإياك وكلمة سوف فهي الهالكة الحالقة التي تهلك قائلها بتأخيره لتوبته ، وتحلق حسن الخاتمة وتحولها إلى سوء خاتمة .
فكم للدخان من ضحية ، وكم أوقع في بلية ، وكم جر إلى رزية ، مع إخلال في المروءة والشرف والقدح في الشهادة . وليس ينفع العبد سوى الباقيات الصالحات التي يقدمها لنفسه ولا منجا من عذاب الله وعقوبته إلا بتقواه وعبادته وإقامة شرعه وتحكيم كتابه وسنة نبية صلى الله عليه وسلم . وإني أناشد فيك تلك الروح الطيبة وذلك الإيمان الخالص الدفين ، وأناشد فيك تلك الفطرة السليمة التي فطرك الله عليها ، بأن تقبل على الله تعالى ، وتعود إلى الله الربُ الرحيم ، الربُ الغفور ، غافر الذنب وقابل التوب ، وليس عيباً أن تخطي فكل ابن آدم خطاء ، وخير الخطائين التوابون ، ولكن العيب كل العيب أن تستمر في خطئك وتصر على معصيتك وعنادك ، هذا هو العيب . يقول الله تعالى : { وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون } [ النور 31 ] . ويقول المولى جل شأنه : { يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون } [ التحريم 6 ] ، ويقول الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات ت!
جري من تحتها الأنهار } [ التحريم 8 ] .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلوات الله وسلامه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين