يا رب اتشتي وأروح لستي.. تعملي فطيرة واكلها وأنام وأصبح جوعان..سعدانة سعدانة نطت على الخزانة أبوها ضربها وصارت باذنجانة".أغاني ارتبطت لدى أطفال فلسطين بفصل الشتاء ، يلعبون فيه تحت المطر ثم يستمعون إلى روايات الأجداد عن هذا الفصل، فهذه الحاجة أم أيمن ومن حولها أحفادها العشر تحكي لهم عن الثلج الأبيض وعن "سعد" بطل نشرات الأجداد الجوية.وتقول الجدة بصوتها الخافت وعلى كتفها شالها الأسود" كنا قبل التطور في العلم ومعرفة أحوال الطقس في النشرات الإخبارية نعتمد على خبرة الأجداد في تقسيم الشتاء لكي نزرع الأرض ونحمي أنفسنا من برده".
الأربعينية الباردة
وبحسب النشرة الجوية للأجداد يبدأ فصل الشتاء بفلسطين مع قدوم المربعانية وتسمى الأربعينية باللهجة العامية باعتبار أن مدتها 40 يوماً وتبدأ في تاريخ 23 ديسمبر حتى نهاية شهر يناير، ويكون الجو في هذه الفترة شديد البرودة حتى لو تخلله أيام مشمسة.وهذا معناه أن أمطار المربعانية هي اللقاح الرئيسي للأرض مصدر خصوبتها وعطائها فقرابة ثلثي أمطار فصل الشتاء تهطل في هذه الفترة،ويحزن الفلاح الفلسطيني أن جاءت المربعانية قليلة المطر لعلمه أنه لن تعوض هذه الأيام. وتستطرد الجدة أم أيمن في حديثها التفصيلي عن هذا الفصل قائلة :"يقسم الشتاء في فلسطين إلى أربعة أقسام يطلق عليها سعد الذابح والخبايا وسعد السعود وسعد البلع تلك هي أربعة سعود يتحدث عنها الفلسطينيون ليجمعوا 50 يوما بعد المربعانية الباردة حيث تتمثل كل سعد بمثل شعبي يعكس حالته ويمتد كل سعد نحو 12يوما ونصف وهذه السعود تعطي دلالات عن حالة الطقس".
السعود فلكيا
و"سعد الذابح" تبدأ عادة في أول فبراير وتنتهي في منتصف نهار 13 فبراير. "سعد بلع" وهي فترة تبدأ عادة في النصف الثاني من يوم 13 فبراير وتنتهي في 25 من الشهر نفسه. "سعد السعود" تبدأ هذه الفترة في 26 فبراير وتنتهي ظهر يوم 10 مارس. "سعد الخبايا" تبدأ ظهر يوم 10 مارس وتنتهي في 22 من الشهر نفسه،وبذلك تنتهي خمسينية الشتاء، ويبدأ فصل الربيع.
قصص تراثية
وتدور الحكايات الشعبية عن قصة السعود الأربعة وتقول أن آبا يتحدث إلى ولده وهو في طريقه للسفر حيث نصحه بأن يتزود بفراء وقليل من الحطب اتقاء لبرد محتمل، فلم يسمع نصيحة أبيه ظنا أن الطقس لن يتغير كثيرا أثناء رحلته.ولكن ما أن بلغ منتصف الطريق إلى حيث يقصد حتى اكفهرت السماء وتلبدت بالغيوم وهبت ريح باردة وهطل مطر وثلج بغزارة.ولم يكن أمامه سوى ذبح ناقته وهو كل ما يملك، حتى يحتمي بأحشائها من البرد القارص. لذلك ذبح الناقة وسميت تلك الأيام بسعد الذابح.وبعد أن احتمى في أحشائه من البرد، شعر سعد بالجوع و لم يجد أمامه سوى لحم الجمل للأكل وهكذا كان (سعد البلع)، وبعد أن انتهت العاصفة وظهرت الشمس خرج سعد فرحا من مخبئه وفرحا بأن كتبت له الحياة مجددا (سعد السعود )، وحرصا منه على متابعة طريقه دون مشاكل قام بصنع معطف له من وبر الناقة وبحفظ زادا له من لحم الجمل بواسطة حفظه بالثلوج أو بالطرق التقليدية القديمة لذلك سميت الأيام بـ(سعد الخبايا).
السعود أمثال
من جانب أخر ارتبطت السعود بأمثال من التراث الفلسطيني لتميزها عن بعضها البعض ومنها. في الذابح بتصير الكلاب فيه تنابح،وذلك كناية عن شدة البرد الذي يجعل الكلاب في تلك الفترة تنبح لتدفء جسدها من شدة البرد.سعد البلع يقال أنه مهما أمطرت الدنيا في هذه الفترة فإن الأرض تبتلع المطر بسرعة وذلك كناية عن عطش الأرض للماء. بسعد السعود بتدور المية بالعود، والمية هي الروح والحياة، أي أنه في هذه الفترة تبدأ المياه تسير في جذوع الشجر وأغصانه.ويقال لو قطع أحدا غصن عنب لسال منه الماء كناية عن أن هذه الفترة فترة خروج براعم الأشجار.في سعد الخبايا بتطلع الحيايا(الأفاعي) ، أي أن الجو يبدأ بالدفء وتخرج الأفاعي من جحرانها.وهكذا تنتهي نشرة الأجداد الجوية فهل يعمل أحدا بها؟نشر على موقع عشرينات