أروع خبر عاجل !
كان يغالب تردّده وهو يسألني :
أبا حسان ... لقد عاد أخي من رحلة علاج إلى أوروبا...
ولم يكتب له الشفاء من مرضه رغم أن العائلة بكاملها كانت تدعو له بالشفاء ...طيلة شهر كامل...!
فما هي الحكمة يا ترى من عدم إجابة دعائنا جميعاً... في هذا الظرف العسير ؟؟!!
فقلت له :سأجيبك بسؤال..!
هل سبق لك أن دعوت الله واستجاب لك ؟
فقال : نعم حصل ذلك كثيراً..
ربما مئات المرّات !
فقلت : إن الله تعالى اقتضت حكمته أن تتنوع أشكال الاستجابة للدعاء
فمنها الاستجابة الفورية
ومنها أن تتأخر الإجابة إلى أجل بعيد
ومنها أن يدفع الله تعالى عنك من الأذى والضرر ما يساوي مقدار تلك الدعوات
ومنها أن يؤخرها إلى يوم القيامة
فيبدلها لك بالأجر والثواب والعفو عن الذنوب ...
يا صديقي لو كان الله تعالى
سيستجيب كل الدعوات
بشكل حرفي وسريع
لانقلب حال الدنيا رأساً على عقب!
ولما أصبح لوجودنا عليها من هدف أو سبب ...!! ولكن كيف ذلك ؟!تعالو معي أيها القراء لنشاهدهذه اللقطات السريعة التي توضح الفكرة!
ها هو فلاح فقير يعود إلى بيته متعباً منهكاً من العمل في حقله الصغير ..
وها هو يتمتم ويقول : اللهم إني قد تعبت من العمل في هذا الحقل ... اللهم بدّل تعبي راحة ..وفقري غنىً... وبيتي الصغير قصراً عطيماً !!
ها هو يقترب من بيته ... يا إلهي..!
إنه ليس بيته إنه قصرٌ مدهشٌ عظيم ! ... يدخلُ صاحبُنا القصرَ.. يرى فيهِ كلَ أنواعِ النعيمِ والرفاهيةِ ... فينسى حتى أن يعودَ إلى حقله فلم يعد محتاجاً إليه !!
لقطةٌ أخرى.. نشاهد من خلالها.. مجموعة من الناس يجلسونَ في المسجدِ..
يرفعونَ أكفّهم إلى السماءِ..
ويدعو أحدهم قائلاً : اللهمَ إن اليهودَ قدِ احتلوا أرضنا ومقدساتِنا وعاثوا فيها فساداً اللهمَ ردهم عن بلادِنا خائِبينَ ..
والآن دعونا نفتحُ على قناة الجزيرةِ ... ! رائع !
هاهو خبر عاجل يقول :
موجةٌ من الرعبِ الغامضِ تجتاحُ الإسرائيليينَ !
وبعد ساعةٍ خبرٌ عاجلٌ يقول :
آلافُ الإسرائيليين يتوجهونَ إلى المطاراتِ والموانئِ هرباً إلى أوروبا وأمريكا !
وبعد ساعةٍ خبرٌ عاجلٌ آخر يقول : الفلسطينيون َ يتدفقونَ على المستوطناتِ والمعسكراتِ ومراكزِ السلطةِ الإسرائيلية ويحررونها!!
– هذا كله على فرضِ أن الفلسطينيين نسوا أن يدعو على اليهودِ حتى تركوهم يحتلوا البلاد.. ويطردوا أهلها - !
واللقطة الأخيرة
لطالبٍ كسول بليد.. يخرج من مدرستهِ يبدو عليه الملل والقرف ..
ها هو يدعو:
اللهم دمّر هذه المدرسة على رأس مديرها والمعلمينِ فيها وأرحنا منهم جميعا !!
وما هي إلا ثوانٍ قليلةٍ.. وإذ بالمدرسةِ تهوي على رؤوسِ من فيها !!
وها هي سياراتُ الأسعافِ تتوافد على المدرسةِ.. لتكتشفَ أن جميع من فيها من الهيئة ِ التدريسيةِ أصبحوا ضحايا ذلكَ الدعاءَ الظّالمَ !!!
أرأيتم إلى أيِّ حدٍ من الممكنِ أن تنقلبَ الدنيا عندها ؟!
فأينِ الابتلاء وأينِ الجزاء؟؟!! وأيُّ مكانٍ للكُفرِ والمعصِيَةِ.. أو للإيمانِ بالغيبِ ساعَتها ؟
ومن سيِعملُ لكسب الرزقِ ؟
إذا كان كل شيء سيأتيك بمجرّد الدعاء؟!
بل من سيحتاجُ لطبيبٍ أو تاجرٍ أو معلمٍ أو صانعٍ أو مزارع ؟؟!!
صحيحٌ أن اللهَ تعالى يقولُ :
( وقالَ ربكم ادعوني استجب لكم)
وصحيحٌ أنه تكفّلَ بإجابةِ كل سائلٍ
وأنهُ تعالى يستحي أن يرُدَ كفي عبده حائبتين ..
لكنَّ حكمتهُ الأزلية..
وعلمهُ بالأمرِ قبلَ أن يكونَ.. اقتضى أن تتنوع الاستجابةُ للدعاءِ حتى تستقيمَ وظيفةُ التكليفِ والإمتحانِ في الدنيا.. وتستمرَّ سننُ الحياة...
حتى يأذنَ اللهُ برحيلِ الدنيا ومن عليها ..
كنت أشاهدُ على قناة ِ شاعرِ المليون شاباً يقول قبل الدخولِ إلى لجنة ِ التحكيم لمسابقة أمير الشعراء
( إنني جهّزتُ قصيدتي ودعوتُ الله ولن يخيّبني ) !
لكنّه فشِلَ في الحصول على أيِّ صوتٍ مؤيدٍ من اللجنةِ!!
فهل يمكن أن نقول َ أن الله َ قد خيّبه ولم يستجب دعواته ؟!
-حاشَا للهِ -..ولكن أقول ربما لو كانَ نجح لكان ذلك خيبة ً للشِعرِ العربي !!
ولا بدَّ أن الله سيبدله..
بدعواته تلك
خيراً من المسابقة وما فيها..
أليس غريباً يا أصدقائي
أن الله تعالى
لا يتوقّف عن الإجابة أبداً
لكننا نحن
كثيراً ما نتوقّف عن الدعاء ؟!