في ذكرى مرور 45 عاماً على فيضان معان (نعيم كريشان)
استيقظ أهالي مدينة معان فجر جمعة السادس عشر من شهر آذار عام 1966 على هدير مياه السيول التي داهمتهم إثر شتاءٍ غزير و متواصل طوال الليل فاضت بعده الأودية التي تحتضن المدينة أحدها يحدها شمالاً (وادي الشامية) و الآخر يحدها جنوباً (وادي معان) فشكلا فيضاناً أتى على المنازل و الممتلكات و المحال التجارية تاركاً إياها ركاماً حيث أنها لم تصمد أمام هذا الفيضان الجارف لأنها مبينة من الطوب الترابي (الطين) فضلاً عن إيقاعه عشرات الضحايا و الجرحى و المصابين من أبناء معان و غيرهم من الحجاج الذين صادف تواجدهم و هم في طريقهم للديار المقدسة ، و قد صعد منهم عدد إلى مئذنة أحد المساجد و الذي يتكون بنائه من نفس المادة ، فهَوَى المسجد بمئذنته و مات من بداخلها ، أمّا باقي المواطنين فقد لجئوا إلى مناطق مرتفعة عن منسوب الماء و بعضهم احتمى ببيوت آخرين مبنية من الاسمنت عملت على حمايتهم من هذا الطوفان الجارف و الذي دمّر و ترك قتلى و جرحى و مصابين و أتى على الممتلكات و ما أن استقر الحال حتى هرعت الأجهزة المعنية للقيام بدورها من عمليات إخلاء و إسعاف و إنقاذ و بحث عن مفقودين.
و من ضمن الأجهزة القوات المسلحة التي كان لها دور كبير في ذلك فضلاّ عن قيامهم بتوزيع الطعام و المؤن و البطانيات و بناء الخيام لمن تهدمت بيوتهم و شُرَِدوا ، و لا ننسى دور قائد الوطن المغفور له بإذن الله الملك الحسين بن طلال و الذي تحرّك بطائرته العمودية إلى معان للاطمئنان على أهله و مشاركاً في عمليات الإسعاف و الإنقاذ بيديه الكريمتين ، و يُذكر أن جلالته أنقذ الكثير آنذاك ممن حاصرتهم المياه . و بعد الانتهاء من جميع هذه العمليات أمر جلالته المعنيين ببناء وحدات سكنية للعائلات المتضررة و المنكوبة و الذين دمرت منازلهم جرّاء هذا الفيضان .
ومن طريف ما سمعت و رأيت و أنا في السابعة من العمر آنذاك عن وفاة عريس و عروس ليلة زفافهم جرّاء ما حدث ، و نجاة عائلة مكونة من 9 أفراد اعتلوا شجرة فلفل ضخمة كانت في فناء بيتهم ، و نجاة طفل رضيع آخر تقاذفته الأمواج من سريره ليستقر به المطاف على أرض يابسة و تم إنقاذه.
أما بالنسبة للمساعدات و المعونات التي تلقتها المدينة فكانت من أشقاء الحسين طيّب الله ثراه من ملـــوك رؤســاء الدول الشقيقة التالية المملكة العربية السعودية و مملكة ليبيا و دولة الكويت و دولة قطر ، و هناك نصب تذكاري أقامته بلدية معان الكبرى وسط المدينة يجسد هذه أللفتة الكريمة لهذه الدول.
نقلاً عن موقع سرايا الاخباري