لم تكن عملية الاغتيال التي استهدفت الطيارين السوريين العائدين من عملهم على طريق محور حمص- تدمر مساء الخميس 25-11-2011 عملية تشبه بقية عمليات المجموعات المسلحة
وإن كان المنفذ واحد وهو اليد الإسرائيلية في سوريا إلا أنه وبالعودة إلى تفاصيل العملية والهدف والمكان والزمان لابد وأن تبرز وبوضوح أيادي الموساد الإسرائيلية فمن درس وخطط وحدد الأهداف والتوقيت كان في ذهنه الانتقام والثأر وفي عملية لاستعادة ما حدث في مثل هذا التاريخ في الماضي القريب والبعيد نكون قد عثرنا على القطعة الأخيرة من اللوحة التي رسمها العدو الإسرائيلي والتي تفسر اغتيال الطيارين السوريين، فما الذي يعنيه هذا التاريخ بالذات؟
في تمام الساعة العاشرة والنصف مساء من يوم الأربعاء بتاريخ 25-11-1987 م أقلع مقاتلون في سرب من الطائرات الشراعية متوجهين بدمائهم وبنادقهم صوب فلسطين المحتلة لتنفيذ عملية الطائرات الشراعية (قبية) التي قادها البطل السوري خالد أكر من مدينة حلب إضافة إلى بطل تونسي وآخرين من فلسطين حيث هبطوا بها في معسكر غيبور وفيه إحدى وحدات لواء جولاني أشرس قوات الجيش الصهيوني و يقع قرب "كريات شمونه" و هاجموا المعسكر و دمروا بعض المهاجع و أوقعوا خسائر فادحة لم يعترف العدو إلا بستة قتلى بينما ظهرت صور المهاجع المدمرة تكذب ادعاءاتهم.
والنتيجة إسقاط وإفشال نظرية الأمن الصهيوني الزائفة والمضللة لمستوطنيه ، حيث أن الاحتياطات الإلكترونية ونظام الدفاع الأمني الصهيوني لم يستطع منع الفدائيين المقاتلين من تنفيذ مهماتهم وواجباتهم، ومن هنا فإن ما يسمى "عملية سلامة أمن الجليل" والتي انطلقت باجتياح الجنوب اللبناني استطاعت عملية واحدة إسقاطها وإثبات أن لا شيء يقف أمام الفعل المقاوم، كذلك فقد تميز التشكيل المقاتل بتنوع انتماءاته فضم سوري وتونسي ومقاتلَين من فلسطين وهو الخط العام الذي تنتهجهُ الجبهة في عملياتها لتؤكد أن النضال من أجل فلسطين ليس حكراً على الفلسطينيين بل هو يشمل الأجيال العربية من المحيط إلى الخليج.
وعندما انتهت المعركة نقل جنود العدو جثة الشهيد السوري "خالد اكر" في نقالة إلى المستوصف الصحي في مستعمرة "كريات شمونه" ووضعوها خارج المستوصف قرب الباب ، و عندما وصل قائد لواء جولاني المستعمرة ذهب إلى المستوصف فمر بجثمان الشهيد خالد أكر ملفوفا ببطانية فأدى القائد الصهيوني التحية العسكرية أمام الجثمان فهمس قائد المعسكر في أذن قائد اللواء إن هذه جثة المخرب قائد الهجوم فقال قائد اللواء انه يستحق التحية .
مع هذه التفاصيل تبدو الصورة أكثر وضوحا فعملية اغتيال الطيارين الستة جاءت رداً على عملية الطائرات الشراعية في نفس التاريخ والوقت وإن كان ذلك بعد أربع وعشرين عاماً .
لقد سقط الطيارون السوريون على يد الغدر الجبانة من مجموعة إرهابيين لكن وضع الموضوع في سياقه الصحيح سيقودنا ولا بد إلى اتهام الموساد الإسرائيلي بشكل واضح..و هل هناك أكثر من هذا الوقت ملائمة لأخذ الثأر؟ و هل هناك أخصب من هذه البيئة لدفع الخلايا المسيرة باليد الإسرائيلية لتنفيذ هذا الانتقام ..