قسم العرب قديما السنة الى اربعة فصول.. ثم قسموا كل فصل الى مجموعات من الايام وذلك حسب اشتداد وتراجع الحرارة والبرودة في الجو والطبيعة.
ففي فصل الشتاء توجد هناك مجموعتان من الايام هما: الاربعينية والخمسينية. وكان العرب قبل الاسلام يعدون العدة لقدوم فصل الشتاء والذي يبدأ بالاربعينية اولا والتي تستمر حوالي 40 يوما بما يناسب احوالهم المعيشية من مساكن وزراعة وتجارة مثل رحلاتهم التجارية ما بين اليمن شتاء والشام صيفاً.
وكان العرب يعتقدون بان الاربعينية اذا بدأت بجو دافىء فان الاربعينية كلها ستكون دافئة واذا ما بدأت بالبرودة الشديدة فان الاربعينية ستكون باردة جدا وقاسية.
والحقيقة ان هناك اختلاف طفيف حول موعد بدء الاربعينية من بلد لآخر وذلك حسب موجات البرد التي تغزو البلدان العربية منذ القدم.. وربما ايضا تختلف من سنة لاخرى في نفس البلد الواحد.
في الاردن بدأت الاربعينية فلكيا 21 كانون الاول وتستمر حتى الاول من شهر شباط.. هذا ومن المعروف ان ايام اربعينية الشتاء هي من ابرد ايام السنة حيث تتميز بقدوم المنخفضات الجوية والكتل الهوائية الباردة والانجماد والصقيع وهطول الامطار وحالات تساقط البرد والثلوج فوق المرتفعات الجبلية.. وهذا الضيف الابيض (الثلج) اذا ما هطل وغطى الارض والجبال قال عنه الناس هنا في الاردن (الثلج ملح الارض)
خمسينية الشتاء هذا ويبدأ الجزء الثاني من فصل الشتاء لدى العرب بايام اخرى اطلقوا عليها تسمية الخمسينية وهي (50) يوما تبدأ منذ الاول من الشهر شباط حتى 20 من شهر آذار وتقسم الى اربعة مطالع أو سعود، وكل سعد حوالي (12) أو (13) يوما، والسعود هي: سعد الذابح وسعد البالع وسعد الخبايا.
ولذلك قصة رواها العرب في تراثهم القديم حيث كانوا في الماضي يسافرون على الابل (الجمال) عبر طرق خطرة بالرمال والصحاري والوحل والصخور.. وكانوا يمتنعون عن السفر عادة في اربعينية الشتاء لخطورتها على حياتهم.. لكنهم ربما يخاطرون في الخمسينية بالسفر الى البلاد الباردة.
اما القصة او الحكاية حول (سعود) الخمسينية فهي كما يلي: ''يقال ان شخصا اسمه (سعد) عزم على السفر بعد نهاية الاربعينية، وحاول والداه ان يمنعاه من السفر حتى في الخمسينية لانه يريد السفر شمالا الى بلاد الشام البادرة.. لكن سعدا اصر على ذلك ولم يستمع الى نصيحة ومخاوف والديه.. لذلك فقد استسلما لاصراره على السفر فنصحاه اخيرا ان يتزود بالفرو والحطب اتقاء من شر البرودة المحتملة فلم يستمع للنصيحة.
وهكذا سافر سعد وكان يظن ان الجو لن يتغير ذلك انه عندما بدء السفر في ذلك الوقت كان الجو دافئا نوعا ما.
وركب سعد ناقته وغادر منزله وبعد يومين نظرت والدته شمالا في الافق فرأت الغيوم الشمالية فخافت على ابنها سعد المسافر.. فاخذت تقول وتردد قائلة) ان ذبح سعد فقد سلم)!! وفعلا ما ان بلغ سعد منتصف الطريق الى حيث يقصد حتى تجمعت الغيوم وتلبدت في الاعالي وهبت الرياح الباردة وهطلت الامطار بغزاره فلم يجد سعد امامه سوى ذبح ناقته حتى يحتمي باحشائها من برودة الطقس الشديدة لذلك فقد ذبح ناقته فكان (سعد الذابح) وبعد ان احتمى في احشائها دب الجوع في بطن سعد فلم يجد امامه سوى احشاء الجمل ولحمه للاكل وهكذا كان (سعد البالع).
وما ان انتهت موجة البرد وظهرت الشمس حتى خرج سعد من جوف الناقة فرحا بالدفء وبنجاته من البرد المميت وكان سعيدا بذلك فسمى بـ سعد السعود وحرصا منه على متابعة طريق سفره دون مشاكل قام بصنع معطف له من جلد ووبر الناقة ليقيه تقلبات الجو الباردة والدافئة، وهكذا فقد اختبأ سعد بهذا الكساء فسمى لذلك بـ سعد الخبايا.. وقد جاء في المثل الشعبي ما يلي: (في سعد الخبايا تطلع الحيايا) أي الحيات ومفردها الحية او الافعى.
وهكذا تمت رحلة وسفر سعد بأمان ورجع الى والديه ومنزله سالما.
اما في ايامنا المعاصرة هذه فقد تكاثرت وسائل المواصلات الحديثة والمجهزة بالتدفئة الكهربائية.. حتى ان صوبات ومدافىء الكهرباء قد غزت الاسواق والبيوت الاردنية منذ عدة سنوات وتراجعت بذلك وسائل التدفئة القديمة من مدافىء الحطب والكاز والسولار والغاز والفحم لتصبح موديلات قديمة الى حد ما!!
يا شباب خلوها على ربنا وان شاء الله خير واذا خلصت الاربعينيه لسا في الخمسينيه
جريده الرأي
الاربعاء 14\1\2009