يلعب ليونيل ميسي المباراة النهائية لبطولة كوبا أمريكا بقميص منتخب بلاده الأرجنتين ضد صاحب الأرض تشيلي، وهو يعرف أن الفرص المتبقية لديه كي يحتفل بلقب وطني باتت معدودة وقد لا تزيد عن 3 فرص.
وبغض النظر عما ستؤول إليه نتيجة مباراة اليوم، فإن لميسي حق يجب الاعتراف به، بأنه رجل لم يتلاعب فقط بالخصوم في الملعب، بل تلاعب بعقولنا كما يريد، ولـ 3 مرات بعدد الفرص المتبقية له كي يتوج بلقب وطني.
اللعبة الأولى، بدأت عندما أقنعنا أن كرة القدم عبارة عن أرقام، فحطمها رقماً تلو الأخر، وبات الحديث عن الأرقام القياسية التي لم يحطمها وليس الأرقام التي حطمها، وذلك لغايات تسهيل الإحصاء.
أصبح العالم مهووساً بعدد الأهداف والصناعة والمراوغات، وبات ميسي سيد غالبية الأرقام، واشتهر عدة أساطير تاريخيين بفضل قدرته على تحطيم أرقامهم، فنكاد نجزم أن أكثر من 95% من عشاق كرة القدم لم يكونوا على معرفة باسم تيلمو زارا قبل أن يحطم ليونيل رقمه.
تلك اللعبة الأولى، أما الثانية فعندما قرر ميسي كسر كل القواعد، فالعادة كانت أن الفائز بجائزة أفضل لاعب في العالم هو الأفضل ضمن الفريق الأفضل خلال تلك السنة، لكن ليونيل لم ترقه تلك القواعد، فحطمها بموهبته، فجعل فوزه بالكرة الذهبية مبرراً وإن لم يحمل أي لقب مهم خلال السنة المتعلقة.
تلك القاعدة التي وضعها ليونيل ميسي، استفاد منها خصمه كرستيانو رونالدو في 2013، وبات الجميع الآن يتحدثون عن مسألة اللاعب الأفضل وأن الجائزة فردية وليست جماعية على العكس مما اعتدناه في الماضي.
لعبتان لا يكفيان ميسي، فبعد أن أخذنا من عالم الواقع إلى عالم الخيال، قرر أن يعيدنا إلى الواقع، ويخبرنا بأن الأرقام ليست كل شيء، وأن الموهبة الفردية لا تعني شيئاً من دون إنجازات، ليجعلنا نبدو متناقضين مع أنفسنا.
فقاد برشلونة إلى ثلاثية تاريخية جديدة، بأرقام أقل من أرقامه التي اعتادها في الخط الهجومي، ثم عاد ليلعب كجناح هجومي أيمن أكثر من مركز المهاجم الوهمي الذي أعاده لكرة القدم، وهو الآن يقود الأرجنتين إلى المباراة النهائية من دون تسجيل أهداف كثيرة، لكن الجميع متفقون على أنه السبب.
تلاعب ميسي بعقولنا يكشف عن مدى قدراته التي تفوق الوصف، ولذلك ربما علينا أن نعذر يوسف سيف الذي يردد "ميسي أفضل" ولو كان يعلق على مباراة في كرة الماء، أو غيره من الإعلاميين من الواقعين في فخ الذهول "الميساوي" ومنهم أيضاً كاتب هذا المقال!