أصدقاؤك القدامى لن تجدهم مهما حاولت.!
اتصل بي صديقي مبشرا :
لقد رتبت سهرة جامعة لعدد من أصدقائنا القدامى،
بمناسبة وصول فلان من السفر
،فشكرته على الفور وأحسست بسعادة غامرة
،فهي فرصة للقاء أصدقاء لم أر بعضهم منذ 15 سنة،
وحرصت كل الحرص على الحضور
برغم الانشغالات المتعددة وحاجتي للراحة آخر النهار..
وفي الطريق إلى اللقاء... أخذت أجمل الذكريات تدور في خاطري ...
وبدأت مشاهد الأيام الخوالي تتلاحق في مخيلتي...،وربما ابتسمت وأنا لا أشعر...!
،وربما زاد ضغطي على دواسة البنزين دون أن أشعر أيضا،،
،وزادت لهفتـي للّقاء المرتقب،
وعندما وصلت بيت صديقي ودخلت...،
أخذتهم جميعا وأخذوني بالأحضان والمصافحات الحميمة،
ثم جلسنا نحدق ببعضنا البعض!!!
- لقد تغيرت الملامح... وبدأ الشيب يغزو رؤوس البعض ولحاهم..،
كما تغيرت الاهتمامات والأولويات وربما الأفكار والقناعات،
لقد أصبحنا جميعا أشخاصا آخرين،نتحدث بدبلوماسية أكثر..!
،وتكثر في كلامنا المجاملات...!
،وخضنا في السياسة والاقتصاد،وأخبار الغربة... وأولادنا وأسمائهم وأعمارهم،
وتحدثنا في كل شيء تقريبا إلا عن الماضي الذي يجمعنا والذي هو سبب لقائنا...!
فلم نذكره إلا قليلا وعلى استحياء،
ثم شربنا بعض الشاي والعصائر،وتفرقنا كل إلى حياته الراهنة...
- لم أجد أصدقائي الذين كنت أبحث عنهم...،
وجدت أسماءهم... ووجدت وجوههم(مع بعض الاختلاف في الملامح)
،لكنني لم أجد أرواحهم التي عرفتها واهتماماتهم أو مشاعرهم الحميمة التي ربطتني بهم .....
ولم أجد براءة الصبا في عيونهم.... ولم أجد العفوية الصادقة في أحاديثهم..،
ويقينا أنهم لم يجدوا ذلك في شخصيتي أنا أيضا.....
- ولست أزعم أننا أصبحنا أشرارا أو قساة أو غير أوفياء.....!،
لا أعني ذلك أبدا...،
لكنها الحياة،غيرتهم وغيرتني...،بدلتهم وبدلتني....،
وألبستنا أثوابا غير التي كنا نلبسها بالأمس،ومنحتنا أدوارا نعيشها غير التي كنا نعيش من قبل.
- من حقي ومن حقك أن نبحث عن أصدقائنا القدامى...،
بل من واجب الوفاء علينا أن نبحث عنهم ونتواصل قدر الإمكان...
ولكن يجب أن لا ننتظر أن نجدهم كما هم في مخيلتنا...،
لن نجدهم كما تركناهم ولن يجدونا كما تركونا...،
وعلينا أن نرضى بالواقع الجديد ولا نشعر بالصدمة أمامه..
و"حسن العهد من الإيمان" كما ورد عنه عليه الصلاة والسلام،
أليس كذلك يا أصدقائي الجدد؟؟