البحر الاحمر قد ينقذ البحر الميت
Sat Mar 21, 2009 9:40am GMT
القدس (رويترز) - قد تجدد المياه الوفيرة من البحر الاحمر البحر الميت المتقلص اذا قرر الاردن واسرائيل والفلسطينيون انشاء نفق في الشمال عبر الصحراء الاردنية من خليج العقبة.
وسيمد مشروع توصيل المياه من البحر الاحمر الى البحر الميت اكبر محطة للتحلية في العالم بالمياه تدار بالطاقة الكهرومائية التي تولدها كما سيوفر للاردن مياها تكفيه للاعوام الاربعين او الخمسين المقبلة. وتستفيد اسرائيل والضفة الغربية من هذا المشروع ايضا.
ومن الممكن أن يصدر قرار بشأن ما اذا كان هذا المشروع سيمضي قدما بحلول نهاية العام القادم وستكون التكلفة المرجحة نحو سبعة مليارات دولار.
وقال المهندس ديفيد ميهان الذي يقود فريق الدراسة لمؤسسة كوين اي بيلييه الفرنسية للاستشارات "كان اول من اقترح فكرة ربط البحر الاحمر بالبحر الميت مهندس بالجيش البريطاني في ثمانينات القرن التاسع عشر. كان هذا لتوليد الطاقة الكهرومائية. لكن العوامل المحركة الان هي توفير المياه وانقاذ البحر الميت."
وأضاف لرويترز "على الصعيدين الفني والهندسي سيكون هذا دوما قابلا للتنفيذ. لكن هناك بعض القضايا الكبرى التي يمكن أن تحدد قابليته للتنفيذ في نهاية المطاف."
ويجرى بحث ثلاثة أنظمة هي خط انابيب مدفون او نفق منخفض المستوى على امتداد المسافة كلها ونظام من نفق وقناة أعلى مستوى.
وفوض البنك الدولي هذا الشهر باجراء دراستي جدوى اذ يمثل "الاطراف المستفيدة" وهي اسرائيل والاردن والسلطة الفلسطينية.
واذا وقع الاختيار على انشاء نفق سيتراوح قطره بين سبعة وثمانية امتار. وقد يستغرق تدفق مياه البحر الاحمر لمسافة 168 كيلومترا ما بين ثلاثة واربعة ايام ويعتمد هذا كليا على الجاذبية والانخفاض لمسافة نحو 400 متر تحت مستوى سطح البحر الى أكثر نقطة انخفاضا على وجه البسيطة حيث يضمحل البحر الميت بسرعة.
وتشير بعض التقديرات الى أن البحر الميت قد يجف في غضون 50 عاما في الاغلب اذا لم يتم اتخاذ اجراء. وينخفض منسوبه بمقدار نحو متر واحد في العام بسبب الانخفاض الحاد في التدفق من نهر الاردن والانهار الاخرى التي تروي مياهها الان الحقول وبسبب استخدام صناعة الكيماويات في اسرائيل والاردن للبحر الميت.
وقال البنك الدولي "انخفض المنسوب من 394 مترا تحت مستوى سطح البحر في الستينات الى 420 مترا تحت مستوى سطح البحر حتى منتصف عام 2007." وتقلصت مساحة المياه بمقدار الثلث من 950 كيلومترا مربعا الى 637 كيلومترا مربعا.
ويقول البنك الدولي ان السيطرة على التراجع تجنبا لكارثة بيئية وضخ المياه ببطء الى البحر هما الاولوية الرئيسية.
وأضاف ميهان "بالنسبة للاردن هو مشروع لتوفير المياه... بينما هو بالنسبة لاسرائيل ربما يتصل بدرجة اكبر بالسياسة الاقليمية. بالنسبة لهم تحلية مياه البحر المتوسط أكثر عملية بكثير."
وستتم تحلية قرابة نصف المليار متر مكعب من المياه التي تتدفق الى الشمال كل عام عبر النظام لتصبح صالحة للشرب. وسوف يفرغ المحلول الملحي في البحر الميت الذي تبلغ درجة ملوحته عشرة أمثال ملوحة مياه المحيط.
وسيكون النفق على الاراضي الاردنية على الخط الحدودي مع اسرائيل. والاردن ومصر المجاورة لاسرائيل في خليج العقبة هما الدولتان العربيتان الوحيدتان اللتان لهما علاقات كاملة مع الدولة العبرية وأطلق على المشروع في وقت سابق بسرعة "قناة السلام."
ميهان الذي لعب دورا مهما في بناء مشروع "النهر الصناعي العظيم" بليبيا ومشاريع أخرى كبرى لتطوير البنية التحتية قال انه "لا يتوقع أن يتم التفويض باقامة المشروع قبل عام 2020 ." لكن من الممكن أن يتم التحقق من قابليته للتنفيذ خلال ما بين عام و18 شهرا.
ويقول ميهان ان المخاوف الرئيسية تتعلق بتأثير استخراج هذه الكميات الهائلة من المياه على الحياة البحرية في خليج العقبة واثار امتزاج تلك المياه مع البحر الميت وتمويل المشروع.
فضلا عن هذا تساور اسرائيل مخاوف بشأن التسرب المحتمل الذي يمكن أن يلوث مخازن المياه الجوفية العذبة التي تتمتع بها في منطقة صحراوية حيث طورت تقنيات رائدة على مستوى العالم للزراعة "والمعنيون بالدفاع عن البيئة لا تعجبهم فكرة القنوات التي توقف هجرة الحياة البرية."
وأضاف أن الفلسطينيين لم يطلبوا حتى رسميا نصيبا من المياه المحلاة ربما لانهم لا يريدون خسارة مطالباهم القائمة بمخازن المياه الجوفية الجبلية" لتمد الضفة الغربية التي تحتلها اسرائيل وغور الاردن بالمياه.
وتابع أنه "لا يمكن فصل اي من هذه القضايا عن السياسة" على الرغم من أن الاردن واسرائيل يقولان انهما قد يخوضان هذا المشروع وحدهما. لكن هذا قد ينطوي على نزاع في القانون الدولي ويصبح التمويل شحيحا.
ودعا البنك الدولي هذا الشهر الى تقديم العطاءات بخصوص دراستين اضافيتين لتقييم القضايا البيئية الرئيسية.
وأشار التمهيد لمسودة الدراسة الخاصة بالبنك في 13 مارس اذار الى أن "نتاج مزج هذين الكيانين المائيين على مدار عقود غير معلوم ومن الصعوبة بمكان انشاء نموذج له او التكهن به."
وأضاف "من الواضح أن تكوين البحر الميت وخواصه سيتغيران عما هما عليه الان او كانا عليه فيما مضى اذا وصلته كميات كبيرة من المياه من البحر الاحمر."
ويحذر بعض المدافعين عن البيئة من أن التلاعب بالطبيعة على هذا النطاق الذي لم يسبق له مثيل يمكن أن يسبب كارثة اذ يتحول البحر الميت الى اللون الابيض مع تراكم رواسب الجبس ثم الى اللون الاخضر مع ازدهار البراعم الميكروبية.
ويجب أن تحدد الدراسات ما اذا كانت هذه المخاوف مبررة. كما ستقيم خيار "عدم القيام بشيء" عبر صنع نموذج للبحر الميت عام 2060 .
وفي اجتماع عقد في الخامس من مارس اذار بمنتجع عين جدي الاسرائيلي المطل على البحر الميت أبدت الدول المستفيدة استمرار دعمها للمشروع و"حثت على أن يمضي تنفيذه قدما على أساس متسارع."
وقال ميهان انه واجه عددا من الشكوك خلال اجتماعه مع السكان المحليين على امتداد المسارات المقترحة بما في ذلك أردني تساءل ان كانت مؤامرة اسرائيلية لتحقيق النبؤة المذكورة في التلمود بأن السمك سيسبح في البحر الميت ذات يوم.
وحتى الان لا توجد سوى أشكال ميكروبية للحياة في المياه.
وقال المهندس الاسكتلندي المولد ان الترشيح والتنقية سيقضيان على دخول الحياة البرية بخليج العقبة الى النظام وان المعالجة ستزيل الميكروبات الدقيقة عند طرف التحلية وبالتالي ستكون المياه التي تدخل الى البحر الميت معقمة.
من دوجلاس هاميلتون