عمان - باتت مخاوف بيئية حول تغيرات المناخ مؤشرات ملموسة تؤثر على المملكة، منبّئة بتغيرات في درجات الحرارة عن معدلها في مثل هذا الوقت من "المربعانية" قياسا على أعوام ماضية.
غير أنه في الوقت الذي يعتبر فيه الحديث عن ارتفاع طارئ على درجات الحرارة خلال فترة أربعينية الشتاء الحالية، مبكرا، يعد ارتفاع الحرارة نتيجة علمية حتمية لتزايد انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المسجل لدى مراكز الأبحاث العالمية والمؤدي لزيادة تركيزها في الجو.
لكن، وبحسب مراقبين فإن أربعينية الشتاء في الأعوام الأخيرة تختلف عن مثيلاتها في أعوام سابقة، إذ كانت تشهد بردا قارسا يتذكره الآباء والأجداد لاستعداداتهم له وكيفية تجنبه.
وفي الوقت نفسه، يحيي انخفاض درجات الحرارة بشكل ملموس وهطول الأمطار المتفرقة اليوم على المملكة، وفق توقعات دائرة الأرصاد الجوية، تزامنا مع بداية أربعينية الشتاء التي تستمر حتى نهاية كانون الثاني (يناير) من كل عام، التفاؤل بمرور المملكة بعدة منخفضات جوية مؤدية لتساقط الأمطار بشكل متواصل من دون حدوث انحباسات.
وتهدد كوكب البشرية بوادر تتمحور حول "شواهد كبيرة"، بحسب ما وصفها خبراء بيئيون، على تداعيات التغير المناخي في المنطقة، أحدها اختلال توزع أحزمة المطر كمّا ومكانا.
ويشير رئيس مؤسسة الأرض والإنسان لدعم التنمية زياد علاونة إلى سلبية هذه التداعيات والمؤدية بدورها لتذبذب مياه الأمطار بين جفاف وفيضانات شديدة.
ويؤكد، في تصريحات إلى "الغد"، على ضرورة قيام مراكز علمية بأبحاث حول مختلف المشاهدات الناجمة عن التغيرات المناخية ورصدها بمستوى خبرة عال.
واقتصرت جودة أداء الموسم الشتوي الماضي على المناطق الجنوبية في بدايته فقط، فيما كان جيدا على المناطق الشمالية والوسطى خلال شهري آذار (مارس) ونيسان (أبريل) الماضيين.
وحصل حينها انحباس مطري أثر سلبا على المناطق الجنوبية بعد شهري كانون الأول (ديسمبر) وكانون الثاني (يناير) الماضيين.
وتبين استنتاجات علمية صدرت عن اللجنة الحكومية الدولية للتغير المناخي الارتفاع في درجة حرارة النظام المناخي (الهواء، والبحار، والمحيطات) والذوبان العام للثلوج والجليد وارتفاع متوسط سطح البحر والموجات الحادة من الجفاف والأمطار الغزيرة.
إلى جانب ارتفاع متوسط درجة حرارة الهواء الجوي بمقدار 0.76 درجة مئوية خلال القرن العشرين، وخلال الفترة نفسها ارتفع مستوى سطح البحر بـ17 سنتيمترا.
وبحسب الدراسات نفسها، فإن المنطقة العربية الواقعة في نطاق المناطق الجافة والقاحلة من أكثر المناطق عرضة للتأثيرات المحتملة للتغيرات المناخية.
ويوضح تقرير التنمية الإنسانية العربية 2009، الذي صنف الأردن على أنها من الدول التي تعاني إجهادا "ملحوظا" في ندرة المياه، أن الدول العربية بحاجة إلى 27 عاما إضافيا بعد العام 2015 لتحقيق الغاية المتعلقة بالمياه.
وتواجه التنمية البشرية نقاطا حرجة للتنمية البشرية كانخفاض الإنتاجية الزراعية وارتفاع حدة عدم الأمان المائي، وزيادة فرص التعرض للكوارث المناخية.
ويؤدي التراجع البيئي الناجم عن تغير المناخ وندرة المياه والتصحر وخسائر التنوع الحيوي إلى تأثيرات منها تأزم الخلافات بين الدول المشتركة في مجرى نهر واحد.
وكان تقرير أعدته وزارة المياه والري حول تقييم المعدلات السنوية لهطول الأمطار المتساقطة على المملكة، اعتبر أن الموسم المطري للعام 2006 – 2007 "أقل من المعدل طويل الأمد"، سيما وأن نسبة حجم الأمطار المتساقطة على المملكة إلى المعدل طويل الأمد وصلت إلى ما يعادل 92.4%.
ووفق التقرير، فإن معدل السنوات الماطرة التي زاد فيها حجم الهطول عن المعدل طويل الأمد والبالغ 8313 مليون متر مكعب، مثلت نحو 131% منه.
أما معدل السنوات التي قل فيها المطر عن المعدل طويل الأمد، فبين التقرير أنها مثلت 67% من أمطار المعدل، فيما شكلت الأمطار حول المعدل العام طويل الأمد ما نسبته 98% منه.
ووصل حجم المطر الساقط على المملكة للعام 2006 – 2007 إلى 7863 مليون متر مكعب، فيما بلغ معدل فاقد التبخر منه حوالي 93.2%، فضلا عن نحو 3% كان مجموع الفيضانات، و4% تقريبا مجموع التغذية الجوفية.
وتم احتساب المعدل السنوي طويل الأمد لحجم المطر الساقط على المملكة على مدار 70 عاماً بـ8313 مليون متر مكعب بمعدل فاقد تبخر منها يصل إلى 92.5%، فيما يتبقى حوالي 554 مليون متر مكعب على شكل مياه سطحية و276 مليون متر مكعب مياه جوفية.
ووصل معدل الفيضانات على مدار الفترة نفسها نحو 2.37% من المعدل الكلي، فيما بلغ معدل التغذية الجوفية 5.13% منه.