قرر المنتخب التوجولي لكرة القدم انسحابه من فعاليات بطولة كأس الأمم الأفريقية السابعة والعشرين التي تستضيفها أنجولا من العاشر إلى 31 كانون ثان/يناير الحالي وذلك بعد يوم واحد من الاعتداء الذي تعرضت له حافلة البعثة التوجولية لدى وصولها إلى مقاطعة كابيندا الأنجولية.
وتعرضت الحافلة التي تقل المنتخب التوجولي مساء أمس الجمعة لهجوم مسلح أسفر عن وقوع عدة إصابات ، وذكر صحفيون أن الهجوم أودى بحياة سائق الحافلة.
وتعرض لاعبو المنتخب التوجولي ومسئولوه لاطلاق نار بالبنادق الآلية عقب تجاوزهم الحدود من الكونغو إلى أراضي أنجولا. وتعد المنطقة الحدودية الواقعة بين البلدين غير آمنة بسبب تواجد مجموعات مختلفة من المتمردين.
وأعربت جماعة "جبهة تحرير جيب كابيندا" الانفصالية مسئوليتها عن الحادث فور وقوعه وهددت بالمزيد من الهجمات خلال البطولة.
وتخوض جماعة جبهة تحرير كابيندا صراعا طويلا من أجل تحقيق استقلال منطقة كابيندا الغنية بالبترول.
وكانت اتفاقية سلام وقعت بين الطرفين عام 2006 ، وكان يعتقد أنها تمثل نهاية للصراع المسلح في هذه المنطقة ومع ذلك تواصلت الهجمات المتفرقة على القوات الحكومية والعمال المغتربين.
وفي الوقت الذي انتقل فيه اللاعبون ومسؤولو البعثة التوجولية إلى المطار استعدادا لمغادرة أنجولا ، أعلن الاتحاد الأفريقي للعبة (كاف) أن فعاليات البطولة ستنطلق في موعدها غدا الأحد.
وأدان الكاف الهجوم على حافلة الفريق لكنه أكد أن البطولة ستمضي قدما كما طالب مسؤولو الكاف الحكومة الأنجولية بضمانات لتأمين اللاعبين وجميع البعثات المشاركة في البطولة.
كما أدانت الحكومة الأنجولية واقعة الاعتداء ووصفتها بأنها "اعتداء إرهابي".
ورغم ذلك ، قال رئيس الوزراء الأنجولي أنطونيو باولو كاسوما بعد اجتماعه بالكاميروني عيسى حياتو رئيس الكاف إن الهجوم "تصرف فردي".
وأرسل مسئولو الكاف والسلطات الأنجولية مندوبين إلى موقع الحادث والذي يبعد عن الحدود الأنجولية مع الكونغو الديمقراطية بنحو عشرة كيلومترات.
وقال سليمان حبوبة مدير الاتصالات بالكاف إن الهجوم جاء بمثابة صدمة. وأضاف "أولويتنا الأولى هي ضمان سلامة اللاعبين، ولكن البطولة ستمضي قدما".
وأصدر الاتحاد الدولي للعبة (فيفا) بيانا مقتضبا بشأن الواقعة. وذكر البيان "يعرب الفيفا ، ورئيسه جوزيف بلاتر عن أسفهم العميق إزاء واقعة الاعتداء على المنتخب التوجولي ، وعن عميق تعاطفهم مع الفريق.. الفيفا على اتصال مستمر بالاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف) ورئيسه عيسى حياتو ، وينتظر من حياتو تقريرا كاملا عن الموقف".
وجاء ذلك في الوقت الذي تستعد فيه القارة الأفريقية لاستضافة أول بطولة كأس عالم للكبار والتي تقام في جنوب افريقيا في وقت لاحق من العام الجاري.
وحتي الآن تتركز المخاوف بشأن قدرة أفريقيا على استضافة البطولة علي الجريمة أكثر منها علي الإرهاب.
وذكرت اللجنة المنظمة لبطولة كاس العالم 2010 بجنوب أفريقيا أن الاعتداء على المنتخب التوجولي يمثل حادثا فرديا لن يؤثر على بطولة كأس العالم في حزيران/يونيو المقبل.
وقال ريتش مخوندو المتحدث باسم اللجنة المنظمة "لا يمكننا أيضا المقارنة بين التنظيم والأمن في أنجولا مع نظيريهما في جنوب أفريقيا لأن البلدين يقعان في نفس المنطقة من العالم.. نحن مستعدون لأي أحداث طارئة".
وقدم النجم التوجولي إيمانويل أديبايور وزميله توماس دوسيفي وصفا للأحداث التي وقعت مساء أمس الجمعة.
وصرح دوسيفي مهاجم نانت الفرنسي لإذاعة مونت كارلو قائلا "بمجرد عبورنا الحدود ، كانت سيارات الشرطة تحيط بنا. وكل شيء كان يبدو على ما يرام ثم قامت جماعة بفتح النار علينا فجأة. أطلقت علينا الأعيرة من البنادق الآلية وبقينا لمدة 20 دقيقة تحت مقاعد الحافلة".
وأضاف "كل ما كنت أفكر فيه هو الانسحاب من البطولة والعودة إلى بلادي".
وصرح أديبايور مهاجم مانشستر سيتي الإنجليزي لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) قائلا "كي أكون صادقا ، يجب أن أقول إنها أسوأ تجربة مررت بها في حياتي".
وتضاربت الأنباء والتقارير بشأن عدد أفراد المنتخب التوجولي الذين لقوا حتفهم نتيجة الاعتداء.
كما تباينت التقارير في وقت سابق اليوم بشأن انسحاب الفريق من البطولة بعدما تردد عن ارتفاع عدد القتلى إلى ثلاثة من أفراد البعثة.
وذكر نادي مانشستر سيتي الإنجليزي على موقعه بالانترنت "منتخب توجو انسحب من بطولة كأس الأمم الأفريقية بعد تعرض حافلة الفريق في أنجولا لهجوم مسلح".
وأضاف "إنه (إيمانويل أديبايور نجم مانشستر سيتي والمنتخب التوجولي) وزملاءه اجتمعوا هذا الصباح وقرروا الانسحاب من البطولة.. مباراتهم الأولى في البطولة كانت مقررة بعد غد الاثنين أمام منتخب غانا ولكنهم يتوجهون الآن نحو بلدهم من أجل عائلاتهم".
ونقل الموقع عن أديبايور قوله "انسحبت توجو من بطولة كأس الأمم الأفريقية بعدما تعرضت حافلة فريقها لهجوم مسلح".
وذكرت الحكومة التوجولية أن سائق الحافلة هو الوحيد الذي لقي حتفه حتى الآن بينما أعلنت البعثة التوجولية في كابيندا أن السائق ما زال على قيد الحياة بعكس ما رددته التقارير أمس واليوم ، ولم يتضح حتى الآن الموقف النهائي بالنسبة للسائق.
وصرح كوسي أجاسا حارس مرمى الفريق للإذاعة الفرنسية بأن المدرب المساعد للفريق وكذلك المتحدث باسم الفريق لقيا حتفهما اليوم نتيجة الإصابات التي تعرضا لها أمس.
كما تردد أن أحد حراس مرمى الفريق والذي أصيب في الحادث وهو كودجوفي أوبيلالي يرقد في حالة حرجة.
وأكد فريزر لامونت من منظمة "أنقذوا أرواحنا" الدولية للإغاثة أن بعض المصابين نقلوا جوا على جوهانسبرج بجنوب أفريقي لتلقي العلاج. وقال "لسوء الحظ ، يمكنني أن أؤكد أن أحد هؤلاء الذين نقلوا جوا قد لقي حتفه بينما يرقد آخر في حالة حرجة".
ولكن لم يتضح بعد ما إذا كان هذا الشخص الذي لقي حتفه والذي يتحدث عنه لامونت واحدا من الأشخاص الثلاثة السابق ذكرهم أم أنه واحدا من اللاعبين الذين أصيبوا في الحادث.
واجتمع مسئولو البعثة مع مسئولي اللجنة المنظمة للبطولة والاتحاد الأفريقي للعبة (كاف) لتحديد قرارهم النهائي بشأن مشاركتهم في البطولة من عدمها ثم أعلنوا عن قرارهم بعدم المشاركة في البطولة.
وقال الفرنسي هوبرت فيلود المدير الفني للمنتخب التوجولي في تصريح للإذاعة الفرنسية في تعليقه على الحادث "إنه تصرف بربري.. أتينا إلى هنا للاحتفال بكرة القدم الأفريقية".
في نفس الوقت تأزم الموقف داخل المنتخب التوجولي بعد ما تردد عن زيادة خسائر البعثة بوفاة اثنين آخرين من أفرادها.
وأشارت التقارير إلى أن محاولات الإنقاذ فشلت مع المدرب المساعد للفريق أبالو أميليتي وكذلك المسئول الصحفي المرافق للبعثة ستانيسلاس أوكلو ليلقى الاثنان حتفهما ويرتفع عدد الوفيات نتيجة الاعتداء إلى ثلاث حالات قبل أن تعلن البعثة أن سائق الحافلة ما زال على قيد الحياة وأن الوفيات تقتصر على المدرب المساعد والمسئول الصحفي.
وصرح لاعب خط الوسط أليكسيس روماو نجم جرينوبل الفرنسي لصحيفة "ليكيب" الفرنسية في وقت سابق اليوم قائلا إن الفريق ينتظر بالفعل في المطار من أجل العودة إلى العاصمة التوجولية لومي.
وقال روماو "ننتظر الطائرة من أجل العودة إلى لومي.. نتحدث أيضا مع باقي المنتخبات في مجموعتنا (بالدور الأول للبطولة) في محاولة لإقناعهم بمقاطعة البطولة أيضا".
وأسفر الاعتداء أمس أيضا عن إصابة المدافع سيرجي أكاكبو ، المحترف بفريق فاسلوي الروماني ، بعيارين ناريين كما أصيب حارس المرمى كودجوفي أوبيلالي المحترف بفريق بونتيفي الفرنسي. وأصيب آخرون من أفراد البعثة.
وقال المدير الفني فيلود الذي تعرض لإصابة في ذراعه إن رجال الأمن "أنقذوا حياتنا".
وصرح أديبايور قائد الفريق لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) قائلا "إنها لعبة كرة القدم ، والبطولة واحدة من أكبر بطولات كرة القدم في القارة الأفريقية ، والكثيرون يتمنون أن يكونوا في موقعنا لكنني لا أعتقد أن أى أحد يمكن أن يخاطر بحياته".
وقال "إذا بقيت على قيد الحياة سأواصل لعب كرة القدم غدا وفي العام المقبل وربما في نسخة أخرى من كأس الأمم ، ولكنني لست مستعدا أن أموت الآن".
وأوقعت قرعة البطولة المنتخب التوجولي في المجموعة الثانية التي يطلق عليها "مجموعة الموت" مع منتخبات غانا وكوت ديفوار وبوركينا فاسو ، وكان من المفترض أن يخوض أولى مبارياته في البطولة مع المنتخب الغاني بعد غد الاثنين ، حيث تنطلق البطولة غدا الأحد بلقاء منتخب أنجولا المضيف مع نظيره المالي.
ومع ذلك طالب فيل براون المدير الفني لفريق هال سيتي الإنجليزي لاعبيه المشاركين في البطولة بالعودة بعد هذا الهجوم المسلح.
وصرح براون لصحيفة "ذي صن" اليوم السبت قائلا "أشعر بالفزع. هذا يضع علامة استفهام حول كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا. ببساطة لا يمكن تعريض أمن اللاعبين والمسئولين والمشجعين لأدنى خطر".
وأضاف "إنه شيء غير مقبول على الإطلاق ، يشارك اثنان من لاعبي فريقي في البطولة وهما دانييل كوسين (الجابون) وسيي أولوفينجانا (نيجيريا) ، وأريد منهم العودة إلى هنا بأسرع ما يم